مفاجآت عديدة فجرتها المستندات التي حصلت عليها «روزاليوسف» حول الطرق التي لجأ إليها الرئيس المخلوع حسني مبارك وزوجته ونجلاه علاء وجمال لإخفاء ثرواتهم في الدول الأجنبية المختلفة حيث أكدت المستندات الصادرة من مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الإنجليزي أن عائلة «المخلوع» قامت بنقل ملكيتها لعقار «ويلتون بالاس» في لندن قبل أيام من تنحي «مبارك» فضلا عن تأسيسها شركات عديدة منها «ميدانفيست المحدود» و«بوليون» المحدودة في إنجلترا وقبرص لإخفاء أصول ممتلكاتهم والمساهمة في خصخصة القطاع العام المصري.
ففي الوقت الذي تضاربت فيه التصريحات والأرقام والمعلومات حول حجم ثروة الرئيس المخلوع وأسرته كان مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الإنجليزي التابع للمخابرات البريطانية يحقق في عملية منهجية قامت بها أسرة الرئيس السابق لإخفاء ثرواتها في بنوك العالم المختلفة.
ففي الوقت الذي تضاربت فيه التصريحات والأرقام والمعلومات حول حجم ثروة الرئيس المخلوع وأسرته كان مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الإنجليزي التابع للمخابرات البريطانية يحقق في عملية منهجية قامت بها أسرة الرئيس السابق لإخفاء ثرواتها في بنوك العالم المختلفة.
| |||
بداية الخيط الذي أمسك به المكتب من واقع المستندات الأولية التي عمل عليها المكتب الإنجليزي كان شركات «ميدانفيست المحدودة» و«بوليون المحدودة ليماصول - قبرص» وحورس وهيرمس.
في البداية يجب أن نوضح خلفية عن مكتب «إس إف أو» الإنجليزي الذي يترأسه «ريتشارد ألدرمان» المدير الحالي لتلك الوحدة المكونة من 300 عنصر من أفضل العناصر المحترفة في تتبع جرائم المال والاقتصاد بالعالم، وهي الوحدة التي انفصلت عن المخابرات الإنجليزية في عام 1987 ليؤسس ما يعرف حاليا بمكتب مكافحة جرائم الاحتيال حيث لا تحقق في قضايا تقل المبالغ فيها عن مليون جنيه استرليني وذلك طبقا لنص المادة 2 من قانون الإجراءات الجنائية الإنجليزي المعدل بتاريخ 1987 والخاص بإنشاء هذه الوحدة الخاصة.
أما «ألدرمان» المحامي العام الأسبق لوحدة مكافحة جرائم التهرب الضريبي والجمارك الذي يترأس الوحدة حاليا فهو الذي يحقق بالاشتراك مع فريق كامل في كيفية قيام أسرة مبارك بإخفاء مصادر ثرواتها عبر العالم، خاصة ما لديها من أرصدة وحسابات بنكية وعلاقات مالية مشبوهة في المملكة البريطانية المتحدة وبشكل عام داخل حدود الاتحاد الأوروبي حيث تمتد صلاحيات سلطاته لدول الاتحاد.
وكان أول الأدلة التي توصلت إليها تلك الوحدة تفيد بوجود شبهة حقيقية حول نشاط جمال مبارك الذي يطلق عليه لقب مهندس إخفاء ثروة الأسرة، وكانت كلمة السر «شعب ميدان التحرير» بعدها بدأت خزينة الأسرار تفتح علي استحياء حيث كان طرف الخيط في البحث هو المبني رقم 28 المكون من ست شقق كبيرة في شارع سلوان التابع لمنطقة نايتس بريدج والمسمي بمبني «ويلتون بالاس» وفي مسمي آخر منزل «بلجرافيا» تيمنا باسم المنطقة الإنجليزي ويبعد عدة أمتار فقط عن حديقة الهايد بارك الشهيرة وكذلك المقر الرئيسي لسلسلة محلات هارولدز وهو ما رفع سعره الشرائي ليصل إلي 20 مليون جنيه استرليني في مايو 2011.
واكتشف المكتب أن ذلك المبني مملوك لجمال مبارك الذي يحمل الجنسية الإنجليزية كمواطن عبر البحار بعد أن حصل عليها من والدته سوزان ثابت التي تحمل الجنسية الإنجليزية عن والدتها الإنجليزية «ليلي ما بالمز» وتبين أن المبني مسجل في جواز سفره الإنجليزي علي أساس أنه عنوان المسكن في لندن حيث كان يتردد عليه كثيرا مع زوجته خديجة الجمال لقضاء العطلات.
أما أسباب وقوع ذلك المبني تحديدًا في حدود الشبهات فقد كان أهمها أنه مقر شركة تدعي «ميدإنفيست المحدود» إذ تبين للمحققين أنها تابعة سرًا لجمال مبارك حيث أسسها في أغسطس 1996 عقب تركه العمل كموظف في فرع بنك أوف أميركا وبتتبع نشاط تلك الشركة تبين للمحققين عندما توجهوا في صباح السبت 12 فبراير الماضي لبدء التحقيق الرسمي بناء علي أمر السلطات الإنجليزية بضرورة ملاحقة أرصدة «المخلوع» حيث التقوا مديرة المبني التي لم يعلنوا عن اسمها لسرية التحقيقات حيث كانت مرتبكة فأنكرت في البداية أن يكون لجمال مبارك علاقة بالمبني غير أنها لم تنكر نزوله بالمبني عدة مرات كضيف وفشلت في تفسير كلمة «ضيف».
وبعد تضييق الخناق عليها وتقديم المشورة القانونية علي أساس أنها ستحاكم بتهمة إعاقة القانون اعترفت بأن جمال مبارك قد يكون له علاقة بالمحامي الذي يدير المبني في غياب «جمال» ونصحتهم بزيارة المحامي لأنها لا تعرف أكثر من تلك المعلومة الثمينة فتركها المحققون وانطلقوا لمقر المحامي الذي اتضح أنه من أصل هندي ويحمل الجنسية البريطانية ولم نتحصل علي اسمه أيضا لسرية التحقيقات، وفي الحديث معه أنكر وجود علاقة لجمال مبارك بالمبني وراح في محاولة زادت من شكوك المحققين بتوجيه نظرهم إلي أن عائلة مبارك كلها لا تملك في بريطانيا أي أصول مالية وعندما طالبوه وهو يدافع عن عائلة من المفترض أنه لا توجد لديه معلومات عنها بإحضار صك ملكية العقار تردد وتصبب عرقًا ورفض في البداية متعللاً بأن ذلك مخالف للقانون الإنجليزي علي أساس أنها معلومات موكله الذي رفض ذكر اسمه وبعد أن اتصل المحققون بالنائب العام الإنجليزي حصلوا علي تصريح يجبر المحامي بتقديم كل بيانات «العقار اللغز» وبالفعل حضر المحامي، ومعه صك المنزل ومن قبله كان المكتب قد توصل لاسم صاحب العقار المسجل لدي السلطات الإنجليزية حيث تبين أنه كان «جمال مبارك» قبل سقوط حكم والده وأنه لم يستطع حتي تسجيله بشكل كامل لكنه نقل ملكية المنزل لشخص «عماني» يقيم في مسقط لم تستدل التحريات علي معلومات محددة عنه.
من هنا علمت الفرقة المحققة أن هناك أمرًا ما قد حدث في آخر أيام حكم مبارك حيث راحوا ينقلون ملكيات، أصولهم ويغيرون في أسماء الملكية وقد تأكدت تلك المعلومة من الواقعة الثانية من خلال توصل الفريق لمعلومات حول وجود شركة أخري تدعي شركة «ميد إنفيست المحدودة» اتضح أنها أيضا تدخل في ملكية جمال مبارك وتتأكد خطورة المعلومات عندما تصل بيانات تشير إلي أن تلك الشركة لها مكتب آخر علي بعد أمتار قليلة من المبني الأول كانت هي نقطة ارتكاز العائلة في إخفاء مصادر أموالها.
وبفحص ملف الشركة تبين أن ملكيتها تعود لشركاء من بينهم «جمال» لكنها انتقلت مؤخرًا بنفس طريقة نقل الملكية للمبني الأول غير أنها تلك المرة نقلت باسم مؤسسة تدعي «أوكرال» ومقرها في «باناما سيتي» عاصمة الجمهورية البنمية وهو ما أظهر اسمًا آخر تابعًا للأسرة، حيث تأكد المحققون أن الأصول تم تمزيقها في آخر 21 يومًا من حكم مبارك مثلما كشفت صحيفة «صنداي تليجراف» البريطانية في عددها الصادر 12 فبراير الماضي في الوقت الذي ذهبت فيه صحيفة ديلي بييست البريطانية إلي أبعد من ذلك عندما أكدت في عددها الصادر ذات اليوم خبرًا مطولاً نقلاً عن ضابط مخابرات إنجليزي كبير أكد للصحيفة أن المخابرات الإنجليزية كانت علي علم بما يقوم به مبارك وعائلته واستخدامهم طاقمًا محترفًا في عملية التمويه علي الأصول من خلال رصد وتسجيل مكالمة هاتفية للأسرة مع مكتب الخبراء الإنجليزي الذي كانوا يستعينون به في عملية إخفاء الأرصدة وأن تلك المكالمة كانت في صباح الجمعة 11 فبراير الماضي وفيها طلب «مبارك» من الخبراء ضرورة سرعة إنهاء كل شيء حول أرصدته، وذلك علي حد تعبير الصحيفة.
أما المحامي السويسري «كريستوفر مولر» فأعلن أن أرصدة مبارك رغم تمزيقها وإخفائها بخبرة فرق متخصصة لكنها عمليا محاصرة حاليا حول العالم مؤكدًا إمكانية الاسترداد إلا أنها عمليا ستأخذ من 3 إلي 5 أعوام نظرًا لأن الإخفاء كان منهجيا واستند «مولد» إلي معلومات شبكة «سي إن إن» الأمريكية نقلا عن معلومات خاصة بالمخابرات الأمريكية التي أكدت أن عمليات تهريب الأموال من مصر للخارج تركزت خلال الفترة من عام 2000 إلي عام 2008 حيث خرج من مصر في تلك الفترة 57 بليون دولار أمريكي غير أن معلومات «سي إن إن» لم تحدد هوية من قاموا بالتحويلات.
وربما كان ذلك تفسيرا لما أذاعته شبكات الأخبار الإنجليزية المختلفة في عام 2000 في رصدها لقائمة أغني النساء بالعالم وقد سجلوا فيها اسم سوزان مبارك حيث جاءت في القائمة التي شملت الملكة البريطانية الأم وزوجة سلطان بروناي وعدداً من زوجات ملوك الخليج العربي وغيرهن.
ونعود للتحقيق الإنجليزي حيث اتضح للمحققين أن شركة ميدانفيست قد أقامت شركة أخري تدعي «حورس» برأس مال قدره 54 مليون دولار أمريكي وذلك للاستثمار في شراء ما يتم خصخصته من القطاع العام المصري في فترة الخصخصة التي ابتكرها نظام مبارك.
وهنا نتوقف عند نفس العدد من صحيفة «اديلي بييست» حيث أكدت أنه من الخطأ التفكير في أن شخصاً آخر غير جمال مبارك يمكن أن يوصف بأنه مفتاح أموال عائلة مبارك المهربة في تلميح مباشر عن قصة رجل الأعمال الهارب حسين سالم فعلي حد تقدير المعلومات المخابراتية الموثوق فيها فإن الابن جمال مبارك وليس غيره هو المهندس الفعلي والعقل المدبر والمنظم وراء إخفاء الأصول.
في الوقت الذي أسفرت فيه تحقيقات وحدة مكافحة جرائم الاحتيال الإنجليزية عن مصادرة 20 صندوق مستندات من داخل شركة «ميدانفيست» والتحقيق مع مديرها سيد كابا المواطن العربي الأصل الذي يحمل الجنسية الإنجليزية حيث أنكر خلال التحقيق وجود أي علاقة لجمال أو علاء مبارك بالشركة حاليا لكنه لم يخف أن «جمال» كان موجودًا حتي عام 2001 عندما قدم استقالته علي حد زعمه وتركها.
الفريق تشكك في عدة نقاط طرحها ذلك الرجل، حيث اتضح لهم أنه الموظف الوحيد بالشركة وهو المدير وكل شيء، وراتبه يصل إلي 50 ألف جنيه استرليني سنويا أي ما يعادل 80 ألف دولار أمريكي وبسؤاله عن نشاط الشركة أكد أنها برأس مال قيمته 255 ألف جنيه استرليني أي ما يعادل 360 ألف دولار أمريكي.
وطار فريق خاص من المحققين وراء معلومة تأكدت في «ليماصول قبرص» وثقت كذب مدير الشركة، حيث تبين من واقع المستندات التي حصلنا علي نسخة منها ضلوع «جمال» وظهور علاء مبارك كلاعب في الخلفية لأول مرة بشكل موثق فقد اتضخ ان «ميدإنفيست» ليست سوي شركة منبثقة عن شركة مخابراتية كبري تدعي «بوليون المحدودة» ومقرها في مكتب رقم 3 الكائن في مبني ثوماليدس في شارع أوميرو «بليماصول قبرص».
وكانت المفاجأة كبيرة عندما وصل الفريق لمعلومة أن شخصاً يدعي وليد كابا هو مدير بوليون ليماصول وهو إنجليزي الجنسية وتم تعيينه مديرًا في أغسطس عام 1996 أي نفس تاريخ إنشاء شركة ميدإنفيست التي يحققون فيها بلندن، ومن هنا اتضحت الصورة فالأخوان جمال وعلاء قد كونا عدداً من الشركات في هذا العام تحديدا وذلك للبدء في عمليات التمويه علي الأصول.
أما المعلومة التي أكدتها المستندات فهي تم تعيين علاء مبارك في مجلس إدارة الشركة القبرصية في أغسطس 1996 أي أنه موجود بالشركة منذ إنشائها لأنه من المؤسسين ونجد قناة باسم «رانا زين العابدين» تحمل الجنسية القبرصية معهم بالشركة وقبرصياً آخر باسم سقراطس سولوميدس وقبرصياً آخر باسم «عزت جراح» ونفاجأ بالتوصل إلي أن النشاط العام هو المعلومات المخابراتية الاقتصادية لتقديم مشورات خاصة ومحترفة لشركات العالم التي تريد الاستثمار في الشرق الأوسط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق