بسم الله الرحمن الرحيم
الفن التشكيلي في دول امريكا اللاتينية
بحكم العناية الفائقة والاهتمام الشديد الذي يحظى به الفنان التشكيلي الأوربي والترويج لنظرياته اللونية والشكلية منذ عصر النهضة والي يومنا هذا من خلال العديد من وسائل التعريف المختلفة الإعلامية والثقافية المصورة منها والمطبوعة بما في ذلك بث القنوات الفضائية المرئية والمسموعة إضافة إلى شبكات الإنترنت التي تفرد بدورها المواقع الجذابة مما كون في مجمله اسما متميزا ومتداولا للفنان الأوربي علي اتساع رقعة هذا العالم واصبح دون غيره قدوة ومثالا يحتذي به في مدارس وكليات الفنون الجميلة مما ساهم إلى حد كبير في حجب الأضواء عن غيره من فناني آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية .
وعندما راودتني فكرة الكتابة حول الفن التشكيلي في دول أمريكا اللاتينية تبين لي أن تلك الدول تكاد تكون مجهولة تماما علي هذا الصعيد وهي بالتأكيد ليست كذلك .
المؤسف ثقافيا أن الحديث عن دول أمريكا اللاتينية ومنذ أكثر من ثلاثين سنة يكاد يكون منصبا فقط علي متابعة نجوم كرة القدم وأخبارهم اليومية وتنقلاتهم من ناد لأخر في أوربا واليابان وبعض أقطار الخليج العربي تلك الأخبار التي تحيطنا عادة بالأسعار الفلكية التي تدفع مقابل هذا النجم أو ذاك ولا أتذكر أبدا أنى شاهدت في قناة فضائية عربية برنامجا يتطرق ولو بالهمس إلى الفن التشكيلي في تلك المنطقة القريبة من الخاطر البعيدة عن مرمي البصر .
ولان كرة القدم - وباستثناء مسابقات كأس العالم وبخاصة الفريق البرازيلي - لا تأخذ من متابعاتي اليومية إلا الحيز القليل من وقتي الذي يكاد يكون مكرسا بالكامل للفن البصري في العالم أجمع ، جاءت هذه القراءة علي تواضعها لتقوم بعرض لمحات بسيطة من تاريخ الفن التشكيلي في دول أمريكا اللاتينية فهم يتشابهون معنا كثيرا في التطلعات المشتركة نحو الحرية والانعتاق من سطوة وهيمنة الفكر الغربي والثقافة الغربية بعامة كما ترمي هذه القراءة للاستفادة من التجربة اللاتينية في ممارساتها التشكيلية الوطنية الراهنة من حيث تأسيس الأكاديميات المتينة المدعومة بأفضل الأساتذة والخبراء وكبار الفنانين أو من حيث إقامة الورش الفنية التخصصية في هذا الفن النامي .
ونظرا للتعدد الكبير في العناصر التاريخية والبشرية والاجتماعية التي أثرت بشكل مماثل في شعوب وبلدان تلك المنطقة يكون من الصعب بسبب ندرة المصادر المتاحة الحديث بإسهاب عن الفن التشكيلي هناك غير أن هذا الفضاء المختصر قادني إلى حقيقة جوهرية مفادها أن الفن التشكيلي اللاتيني يرجع في أصوله إلى ثقافات أجنبية من خلال الاختلاط العرقي الذي كون باتحاده مع لغة ودين وعادات أسبانيا والبرتغال شكّل عنصر الربط بين أبناء البلاد الأصليين وبين الثقافة الغربية الوافدة .
فن الرسم علي الحامل الخشبي المعروف بشكل عام تحت مفهوم أوربي قد تطور هناك عقب احتلال الأراضي التي أكتشفها الأسبان والبرتغاليون منذ أكثر من خمسة قرون ضمن مخطط التبشير الديني لتلك المناطق الوثنية .
ففي عام 1785 تأسست بمدينة المكسيك أول أكاديمية للفنون عرفت باسم أكاديمية سان كارلوس وكانت علي صلة وثيقة بأكاديمية سان فرناندو في مدينة مدريد فقامت بتدريس رسم الصور الشخصية( البورتريه ) والمناظر الطبيعية والطبيعة الساكنة إلا أنها ومع مرور الوقت انفصلت عن التيارات والمؤثرات الأوربية فيما يتعلق باستخدامات اللون والتكوين وأيضا فيما يتصل بإدخال العناصر الشكلية من الفنون الشعبية التي منحت الأيقونات الدينية لأمريكا اللاتينية الشخصية المتميزة والطابع المتفرد .
وكانت للمسات الفطرية والتلقائية التي أدخلها الفنان اللاتيني في لوحاته والتي تنبأت بمولد بعض الأساليب المستقبلية كالأساليب الفطرية والبدائية والتي ظهرت في : الهندوراس - هاييتي - البرازيل - الاكوادور - والمكسيك . هذه الأساليب لم تتفق مع القيم الجمالية والتناسق والتكلف السائد في عصر االباروك الأوربي غير أنها كانت لها من الصدى ما منح الفن التشكيلي بأمريكا اللاتينية الخاصية الأولى لأسلوبه .
خلال العقود الأولي للقرن التاسع عشر وهي مرحلة حرجة في تاريخ أمريكا اللاتينية كان للثورات الشعبية والحروب الأهلية آثار مدمرة علي اقتصاد هذه الأمم الشابة وهو وضع لحسن الحظ لم يؤثر علي المحيط الفني بنفس القدر حيث نجد أن الفنانين استمروا في تلقي تكليفات العمل من جهات عدة لرسم الأيقونات والصور الشخصية للأبطال والشهداء من زعماء حركات الاستقلال الوطني مما أدي إلى لعب أدوارا هامة في إعادة تأكيد الهوية القومية فقد تحولت أيقونات ورموز للأمم الجديدة الوليدة وأسهمت في بعث الإلهام لتشكيل هوية أمريكا اللاتينية .
وكان لحركتين صدمتنا العالم خلال العقود الأولى من القرن العشرين صدي لا يمكن تصوره علي تطوير الاتجاهات التشكيلية الحديثة بأمريكا اللاتينية .. هما : الثورة البلشفية والثورة المكسيكية اللتان تركتا علامة في تاريخ الفن لتزامنهما مع أزمة الضمير التي أيقظتها الحرب العالمية الأولى في محيط المثقفين وخير شاهد علي ذلك ظهور الحركة : الدادائية في مدينة زيورخ السويسرية وتلتها بعد ذلك بوقت قريب : السريالية بزعامة الشاعر الفرنسي الكبير : أندريه برايتون .
التأثير الذي كان لهاتين الثورتين : الروسية والمكسيكية علي الفن التشكيلي يعود إلى أن الحكومات الثورية بروسيا كما في المكسيك كانت في حاجة ملحة إلى نشر الأفكار الخاصة بثوراتها بين أواسط الفلاحين والعمال والي الحاجة العاجلة لابتكار فن يوضح أفكار الثورة للجماهير علي شكل ملصقات جدارية .
في روسيا تحرر فن الرسم من الأساليب التقليدية مما سهل التطور السريع لاتجاهات الفن الحديث ، أما في المكسيك فقد ظهرت في البداية ورش فنية للجرافيك تولت تشكيل فنانين في محيط سمح بقدر من حرية التعبير لم يكونوا قادرين علي التمتع به من قبل في ظل الأنظمة السابقة للثورة . ويعد : خوسيه جوادولب بوساداس فنان الحفر المكسيكي بلا أدني شك رائدا في هذا المجال وكانت أعماله مصدر الهام للكثير من الفنانين في باقي دول أمريكا اللاتينية التي بدأت تتفجر بها الحركات الشعبية والثورية .
وعلي نحو لا تنقصه المثابرة والاجتهاد والسعي الجاد لإثبات الذات استطاع الفن اللاتيني أن يتخطى حدوده الإقليمية ومن الذين حملوا لواء فن الرسم هناك إلى فضاءات جديدة نذكر منهم علي سبيل المثال
(1)- رفائيل بارداس - أورجواي
(2)- تارسيلا دوامارال - البرازيل
(3)- رينيه بورتوكاريرو - كوبا
(4)- أميليو بيتوروتي - الأرجنتين
(5)- جوايا ساميل - الإكوادور
(6)- كلاود يو برايو - شيلي
(7)- ادوارد بيثارو - المكسيك
وعندما راودتني فكرة الكتابة حول الفن التشكيلي في دول أمريكا اللاتينية تبين لي أن تلك الدول تكاد تكون مجهولة تماما علي هذا الصعيد وهي بالتأكيد ليست كذلك .
المؤسف ثقافيا أن الحديث عن دول أمريكا اللاتينية ومنذ أكثر من ثلاثين سنة يكاد يكون منصبا فقط علي متابعة نجوم كرة القدم وأخبارهم اليومية وتنقلاتهم من ناد لأخر في أوربا واليابان وبعض أقطار الخليج العربي تلك الأخبار التي تحيطنا عادة بالأسعار الفلكية التي تدفع مقابل هذا النجم أو ذاك ولا أتذكر أبدا أنى شاهدت في قناة فضائية عربية برنامجا يتطرق ولو بالهمس إلى الفن التشكيلي في تلك المنطقة القريبة من الخاطر البعيدة عن مرمي البصر .
ولان كرة القدم - وباستثناء مسابقات كأس العالم وبخاصة الفريق البرازيلي - لا تأخذ من متابعاتي اليومية إلا الحيز القليل من وقتي الذي يكاد يكون مكرسا بالكامل للفن البصري في العالم أجمع ، جاءت هذه القراءة علي تواضعها لتقوم بعرض لمحات بسيطة من تاريخ الفن التشكيلي في دول أمريكا اللاتينية فهم يتشابهون معنا كثيرا في التطلعات المشتركة نحو الحرية والانعتاق من سطوة وهيمنة الفكر الغربي والثقافة الغربية بعامة كما ترمي هذه القراءة للاستفادة من التجربة اللاتينية في ممارساتها التشكيلية الوطنية الراهنة من حيث تأسيس الأكاديميات المتينة المدعومة بأفضل الأساتذة والخبراء وكبار الفنانين أو من حيث إقامة الورش الفنية التخصصية في هذا الفن النامي .
ونظرا للتعدد الكبير في العناصر التاريخية والبشرية والاجتماعية التي أثرت بشكل مماثل في شعوب وبلدان تلك المنطقة يكون من الصعب بسبب ندرة المصادر المتاحة الحديث بإسهاب عن الفن التشكيلي هناك غير أن هذا الفضاء المختصر قادني إلى حقيقة جوهرية مفادها أن الفن التشكيلي اللاتيني يرجع في أصوله إلى ثقافات أجنبية من خلال الاختلاط العرقي الذي كون باتحاده مع لغة ودين وعادات أسبانيا والبرتغال شكّل عنصر الربط بين أبناء البلاد الأصليين وبين الثقافة الغربية الوافدة .
فن الرسم علي الحامل الخشبي المعروف بشكل عام تحت مفهوم أوربي قد تطور هناك عقب احتلال الأراضي التي أكتشفها الأسبان والبرتغاليون منذ أكثر من خمسة قرون ضمن مخطط التبشير الديني لتلك المناطق الوثنية .
ففي عام 1785 تأسست بمدينة المكسيك أول أكاديمية للفنون عرفت باسم أكاديمية سان كارلوس وكانت علي صلة وثيقة بأكاديمية سان فرناندو في مدينة مدريد فقامت بتدريس رسم الصور الشخصية( البورتريه ) والمناظر الطبيعية والطبيعة الساكنة إلا أنها ومع مرور الوقت انفصلت عن التيارات والمؤثرات الأوربية فيما يتعلق باستخدامات اللون والتكوين وأيضا فيما يتصل بإدخال العناصر الشكلية من الفنون الشعبية التي منحت الأيقونات الدينية لأمريكا اللاتينية الشخصية المتميزة والطابع المتفرد .
وكانت للمسات الفطرية والتلقائية التي أدخلها الفنان اللاتيني في لوحاته والتي تنبأت بمولد بعض الأساليب المستقبلية كالأساليب الفطرية والبدائية والتي ظهرت في : الهندوراس - هاييتي - البرازيل - الاكوادور - والمكسيك . هذه الأساليب لم تتفق مع القيم الجمالية والتناسق والتكلف السائد في عصر االباروك الأوربي غير أنها كانت لها من الصدى ما منح الفن التشكيلي بأمريكا اللاتينية الخاصية الأولى لأسلوبه .
خلال العقود الأولي للقرن التاسع عشر وهي مرحلة حرجة في تاريخ أمريكا اللاتينية كان للثورات الشعبية والحروب الأهلية آثار مدمرة علي اقتصاد هذه الأمم الشابة وهو وضع لحسن الحظ لم يؤثر علي المحيط الفني بنفس القدر حيث نجد أن الفنانين استمروا في تلقي تكليفات العمل من جهات عدة لرسم الأيقونات والصور الشخصية للأبطال والشهداء من زعماء حركات الاستقلال الوطني مما أدي إلى لعب أدوارا هامة في إعادة تأكيد الهوية القومية فقد تحولت أيقونات ورموز للأمم الجديدة الوليدة وأسهمت في بعث الإلهام لتشكيل هوية أمريكا اللاتينية .
وكان لحركتين صدمتنا العالم خلال العقود الأولى من القرن العشرين صدي لا يمكن تصوره علي تطوير الاتجاهات التشكيلية الحديثة بأمريكا اللاتينية .. هما : الثورة البلشفية والثورة المكسيكية اللتان تركتا علامة في تاريخ الفن لتزامنهما مع أزمة الضمير التي أيقظتها الحرب العالمية الأولى في محيط المثقفين وخير شاهد علي ذلك ظهور الحركة : الدادائية في مدينة زيورخ السويسرية وتلتها بعد ذلك بوقت قريب : السريالية بزعامة الشاعر الفرنسي الكبير : أندريه برايتون .
التأثير الذي كان لهاتين الثورتين : الروسية والمكسيكية علي الفن التشكيلي يعود إلى أن الحكومات الثورية بروسيا كما في المكسيك كانت في حاجة ملحة إلى نشر الأفكار الخاصة بثوراتها بين أواسط الفلاحين والعمال والي الحاجة العاجلة لابتكار فن يوضح أفكار الثورة للجماهير علي شكل ملصقات جدارية .
في روسيا تحرر فن الرسم من الأساليب التقليدية مما سهل التطور السريع لاتجاهات الفن الحديث ، أما في المكسيك فقد ظهرت في البداية ورش فنية للجرافيك تولت تشكيل فنانين في محيط سمح بقدر من حرية التعبير لم يكونوا قادرين علي التمتع به من قبل في ظل الأنظمة السابقة للثورة . ويعد : خوسيه جوادولب بوساداس فنان الحفر المكسيكي بلا أدني شك رائدا في هذا المجال وكانت أعماله مصدر الهام للكثير من الفنانين في باقي دول أمريكا اللاتينية التي بدأت تتفجر بها الحركات الشعبية والثورية .
وعلي نحو لا تنقصه المثابرة والاجتهاد والسعي الجاد لإثبات الذات استطاع الفن اللاتيني أن يتخطى حدوده الإقليمية ومن الذين حملوا لواء فن الرسم هناك إلى فضاءات جديدة نذكر منهم علي سبيل المثال
(1)- رفائيل بارداس - أورجواي
(2)- تارسيلا دوامارال - البرازيل
(3)- رينيه بورتوكاريرو - كوبا
(4)- أميليو بيتوروتي - الأرجنتين
(5)- جوايا ساميل - الإكوادور
(6)- كلاود يو برايو - شيلي
(7)- ادوارد بيثارو - المكسيك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق