قران

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيم ِ الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) .

تي في قران

اين انت يا امة الاسلام

عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) .

اسلام واي

نشيد حزب النور الجديد ...............على خطى الحبيب

الثورة الثورية المباركة

الثورة الثورية المباركة

الثلاثاء، 31 مايو 2011

حناكيش/ احمد فؤاد نجم

قصيدة البتاع  يا للي فتحت البتاع فتحك على مقفول لأن أصل البتاع واصل على موصول فأى شئ في البتاع الناس تشوف على طول والناس تموت في البتاع فيبقي مين مسؤول ؟ وإزاي حتفتح بتاع في وسط ناس بتقول بأن هذا البتاع جاب الخراب مشمول لأنه حتة بتاع جاهل غبي مخبول أمر بفتح البتاع لأنه كان مسطول ! وبعد فتح البتاع جابوا الهواالمنقول نكس عشوش البتاع وهد كل أصول وفات في غيط البتاع قام سمم المحصول وخلا لون البتاع أصفرحزين مهزول وساد قانون البتاع ولا عله ولا معلول فالقاضي بتع البتاع فالحق ع المقتول والجهل زاد في البتاع ولا مقري ولا منقول والخوف سرح في البتاع خلا الديابه تصول ويبقي البتاع في البتاع والناس صايبها ذهول وأن حد قال دا البتاع يقولوا له مش معقول وناس تعيش بالبتاع وناس تموت بالفول وناس تنام ع البتاع وناس تنام كشكول آدي اللي جابه البتاع جاب الخراب بالطول لأنه حتة بتاع مخلب لراس الغول باع البتاع بالبتاع وعشان يعيش على طول عين حرس بالبتاع وبرضه مات مقتول

الشيخ مصطفى شلبي - وفضل طلب العلم رقم 1 طريق العلم هو الطريق الى الجنة جزء ثالث


للتحميل /تحميل



الشيخ مصطفى شلبي - وفضل طلب العلم رقم 1 طريق العلم هو الطريق الى الجنة جزء ثان

للتحميل/تحميل






الأحد، 29 مايو 2011

الفريق أول محمود شاكر الذي تنكر له مبارك ودوره في الضربة الجوية الاولي 1973

الرئيس السابق أطلق عليه في أحاديثه بنمرة 2 وعنما سئل من هو قال: فلان!!
رفع صورته كقائد ثاني من قاعة القوات الجوية بالمتحف الحربي بالقلعة..
واستبدلها بصورة صغيرة جدا بجوار صورته الكبيرة في بانوراما حرب اكتوبر

الفريق اول محمود شاكر
تقرير يكتبة عبد الفتاح طلعت - مدير تحرير جريدةالاسبوع
كان الاقدم والاول علي دفعته في الكلية الحربية والجوية والدراسات العليا وبعثات التدريب في الداخل والخارج وقدتنكر مبارك لدور الرجل بعد وفاته
ليس من الانصاف محاولة التشكيك في الدور البطولي لسلاح القوات الجوية في حرب اكتوبر 73 لمجرد ان قائد القوات الجوية وقتها كان الرئيس السابق حسني مبارك .. ويجب أيضا ألا ننسي أن الضربة الجوية في معركة الكرامة اشترك فيها حسب التقديرات أكثر من 220 طيار ساعدهم أكثر من 200 مهندس و5 الاف ميكانيكي ..لذلك ليس من الانصاف ايضا اختزال هذا العمل في شخص واحد أو اثنين .. أوإختزال اعظم معركة في تاريخ العسكرية المصرية قي الضربة الجوية وتجاهل الدور البطولي للاسلحة الاخري ..فلن ننسي في حرب الكرامة القادة الكبار "محمد عبدالغني الجمسي وسعد الدين الشاذلي وأحمد اسماعيل علي و محمد علي فهمي قائد قوات الدفاع الجوي و جمال محمد علي والاخير كان مسؤلا عن الهيئة الهندسية التي خططت لعبور الساتر الترابي ' خط بارليف ' وانشاء اغلب المطارات والممرات


لكن من الانصاف الان رد الاعتبار لرجل كان مثالا للالتزام والصدق والامانة وأداء الواجب العسكري حاول الرئيس السابق التعتيم - عن عمد - علي دوره القوي والمهم والمؤثر في قيادة القوات الجوية أثناء معركة الكرامة بوصفه قائدا ثانيا للقوات الجوية .. رغم أنهما زملاء ورفقاء عمر منذ أن تخرجا سويا من الكلية الحربية دفعة 1949 ثم التحقا بالكلية الجوية وتخرجا عام 1950 .. وذهبا معا لاداء فريضة الحج عام 1955

إنه الفريق أول محمود شاكر عبدالمنعم كان ترتيبه الاول علي الكلية الحربية والجوية، والاول علي جميع البعثات والفرق التي حصل عليها، والاول علي ماجستير العلوم العسكرية، والاول علي دورة أركان الحرب في الهند، والاول علي دورة الدفاع الجوي في الاتحاد السوفيتي، والاول ايضا علي الدرسات العليا باكاديمية ناصر العليا .. كما تولي منصب كبير معلمي القوات الجوية الذي لا يتولاه غير الاقدم والاول علي الدفعة


لكن المفاجأة التي ادهشت جميع زملاء الدفعة هو صدور قرار من الرئيس السادات بتولي اللواء حسني مبارك قيادة القوات الجوية رغم ترتيبه الاخير في الكلية الجويه .. لكن يبدو أن الرئيس السابق أنور السادات تدارك الامر بسرعة ونظرا لخبرة وكفاءة اللواء محمود شاكر فأصدر في اليوم التالي مباشرة 24\4\1972 قرارا بتوليه منصب قائد ثاني القوات الجوية وهو منصب ابتكره السادات خصيصا للفريق شاكر للمرة الاولي والاخيرة ولم يكن هذا المنصب لقبله أو لبعده من قادة القوات الجوية أو أي سلاح أخر .. لكن يبدو أن السادات ادرك بهذا القرار حاجة القوات الجوية لهذا الرجل في هذه المرحلة الحرجة ' حرب 73 وما بعدها ' حيث تولي منصب قائد ثاني القوات الجوية لمدة 3 سنوات وقائدا لها لمدة 5 سنوات حتي وفاته في 6\8\1980 وهي أطول مدة لقائد تولي قيادة القوات الجوية بعد حرب اكتوبر المجيدة


ظهرت قدرات الفريق شاكر من خلال الاستماع الي حواره في برنامج حديث الذكريات الذي اجرته معه الاذاعية امينة صبري بمناسبة مرور 6 سنوات علي حرب اكتوبر والذي تحدث فيه باحترافية شديدة عن دوره كقائد ثاني للقوات الجوية في الحرب، وعن خطة الضربة الجوية التي خططها ووضع عناصرها باحكام، وتقديمه مشروع طبق الاصل للضربة الجوية قبل الحرب وفي اتجاه مخالف كبروفة نهائية قبل الحرب للتأكد من عدم حدوث تعارضات بين التشكيلات وبعضها وحدوث التعاون الكامل فيما بينها .. وتحدث عن المجهود الكبير الذي بذله في تدريب الطيارين علي الضربة الجوية بداية بالتدريب الفردي، ثم بتشكيل أكبر حتي تم تدريب جميع طياري التشكيلات علي الحساب الزمني والتأكد من تفهم الطيارين للمسارات الجوية بداية من الاقلاع بهذا العدد الضخم من الطائرات من القواعد الجوية المختلفة وحتي الوصول الي خط القنال في لحظة واحدة من بورسعيد حتي السويس والتدريب علي اصابة الاهداف الارضية المكلف بها كل تشكيل ..
كما تحدث عن إدارته للضربة الجوية بتواجده بمركز قيادة القوات الجوية جنبا الي جنب الرئيس السابق اثناء حرب اكتوبر وعن تواجد الرجل الثالث رئيس الاركان في موضع اخر والرجل الرابع رئيس شعبة العمليات الذي تم دفعة الي قاعدة جوية بها عدد ضخم من المقاتلات كما تحدث في هذا الحوار الاذاعي عن ادارته للمعارك الجوية ووضع خطط المعاونة الجوية للقوات البرية والبحرية في حالة الدفع بقوات هجومية برية او بحرية أو الحاجة لانزال مظلات أو طلب من المخابرات والاستطلاع بتصوير نتائج الضربة الجوية وطلعات المعاونة الجوية


وقد أدار الفريق محمود شاكر عبدالمنعم بنفسه معركة المنصورة الجوية وهي أطول معركة جوية حقيقية بعد الحرب العالمية الثانية حيث استغرقت مدة 53 دقيقة حقق فيها الطيارون المصريون انتصارات كبيرة باسقاط عدد كبير من طائرات العدو والتي أثبتت للجميع مهارة القوات الجوية وجهازيتها في حرب 73 اعدادا وتدريبا وتخطيطا ردا علي المشككين فيها، وما زالت معركة المنصورة الجوية تدرس في كليات الطيران بدول العالم المتقدم حتي يومنا هذا وقد اعترفت اسرائيل بخسارتها في هذه المعركة.
كما قام الفريق شاكر بالتنسيق مع قوات الدفاع الجوي بإسقاط المزيد من طائرات العدو بعد الانتهاء من المعركة الجوية .. وكانت هذه المعركة سببا في اختياره ليوم 14 اكتوبر عيدا للقوات الجوية يتم الاحتفال به كل عام .
هذا هوتاريخ الرجل الذي بدأ عمله كطيار مقاتل في سرب جوي ومدرس بالكلية الجوية فأقدم معلمي الكلية الجوية فرئيسا لشعبة العمليات الجوية فمديرا للكلية الجوية فقائد ثاني للقوات الجوية في حرب اكتوبر قبل أن يتولي مهام قيادة القوات الجوية في عام 75 حتي وفاته اثناء الخدمة في عام 80


ومع تولي الرئيس السابق رئاسة الجمهورية في اكتوبر 1981 بدأ عن عمد في تغييب الشعب المصري والاجيال الجديدة عن هذه الحقائق التاريخية الثابته والمعروفة علي المستوي العسكري


ففي معظم أحاديث مبارك في ذكري حرب اكتوبر عن معركة القوات الجوية باعتباره قائد القوات الجوية تعمد اطلاق تعبير ' فلان ' علي الفريق محمود شاكر قائد ثاني القوات الجوية، بل تمادي في أحد الاحاديث قائلا : ' لم يكن أحد يعلم بميعاد الحرب غيري ونمره ' 2 ' .. فسئل : ' من نمرة 2 !!' .. فأجاب : ' فلان ' .. فسئل من فلان ؟.. فأجاب : ' يكفي أني كنت علي رأس القوات الجوية في ذلك الوقت '


واستمرارا في تغييب الشعب عن الحقيقة قال في حديثه مع عماد اديب في برنامج كلمة للتاريخ عام 2005 ' ده شاكر عبدالمنعم كان دفعتي ومسك بعدي ' !!ولم يشير الي دوره في حرب اكتوبر ومنصبه كقائد ثاني للقوات الجوية أو الاشارة بأنهما كانا يجلسان معا في مركز قيادة القوات الجوية أثناء الحرب وهو المكان الذي دعا فيه عماد اديب من أجل الدعاية الانتخابية للرئاسة .. وفي المقابل كان حريصا علي ذكر رئيس الاركان ورئيس شعبة العمليات بالقوات الجوية !!


التقينا بنجل الفريق اول محمود شاكر الطبيب أحمد الذي تحدث بأسي شديد عن الظلم الذي وقع علي والده من الرئيس السابق وتعمد تغييب دورة القوي والفاعل في قيادة الضربة الجوية مع حسني مبارك كقائد ثاني للقوات الجوية في حرب 73 .. وقال : والدي ظلم مرتان .. الاولي : عندما وضع كقائد ثاني للقوات الجوية وهو الاحق بمنصب القائد الاول بفضل الاقدمية والمستوي العلمي والاكاديمي والتدريبي وبشهادة زملائه الذين كانوا يصفونه بالذكاء الشديد وصاحب أقوي ذاكرة بين أقرانه . والثانية : عندما استبعد من التكريم في مجلس الشعب واقتصر التكريم علي حسني مبارك فقط .. رغم أن دور والدي في حرب اكتوبر كان أكبر من دور مبارك ..
يقول: والدي رغم أنه كان قليل الكلام إلا أنه شعر بالغبن لانه لم يأخذ حقه المعنوي عن دورة في حرب الكرامه .. ولم يكن تهمه المادة أبدا فقبل خروجه علي المعا ش عرض عليه منصب محافظ وسفير ورئيس مصر للطيران ورفض وكان رده أنه رجل عسكري ولا يفهم إلا في العسكرية وهي ميدانه لخدمة الوطن .. واكتشفنا بعد وفاته في عام 80 ان الرئيس السادات كان قد مد خدمته عام ..
وقال نجل الفريق الراحل أن تعمد تغييب دور والده اشتدت وطأته مع تولي حسني مبارك رئاسة الجمهورية بعد اغتيال السادات فقد أمر الرئيس لدي زيارته للمتحف الحربي برفع صورة والدي من قاعة القوات الجوية بالمتحف لان المكتوب تحتها يوضح دور هذا القائد في حرب اكتوبر .. كما تم رفع صورته الكبيرة في بانوراما حرب اكتوبر وتم استبدالها بصورة صغيرة لا تري بالعين المجردة وضعت علي يسار صورة كبيرة لمبارك يوحي أن قائد القوات الجوية في الحرب هو مبارك وفقط .. لكن التناقض الكبير هو وضع صورة كبيرة لرئيس شعبة العمليات في القوات الجوية في ذلك الوقت رغم أنه أقل من الوالد في الرتبة !!

.
وما أحزننا أكثر – الكلام لنجل الفريق - أنه في العام 2010 عندما تم تخريج الدفعة 104 حربيه و77 طيران باسم الفريق أول محمود شاكر عبدالمنعم قدم للناس علي أنه أحد الرموز المشرفه للعسكرية المصرية !!.. وعندما قدم الاعلام طلائع النصر قال أن محمود شاكر عبدالمنعم شغل منصب مدير الكلية الجوية بعد العميد طيار حسني مبارك ثم تولي قيادة القوات الجوية خلفا للفريق حسني مبارك .. ولم يذكر شيئا علي أنه تولي قائد ثاني القوات الجوية وكان شريكا مع الرئيس السابق في القيادة في الضربة الجوية في حرب اكتوبر وليس نائبا أو مساعدا !!


ويطالب الدكتور أحمد محمود شاكر بضرورة رد الاعتبار لوالده وعودة صوره بالحجم الذي يليق به كقائد ثاني للقوات الجوية في 73 بقاعة القوات الجوية بالمتحف الحر بي بالقلعة . وأن توضع صورته متساوية في الحجم مع صورة مبارك في بانوراما حرب اكتوبر لانه لم يكن مساعدا له أو نائبا وانما قائدا للقوات الجوية ايضا .. مع ضرورة اعادة اذاعة حواره الاذاعي مع أمينه صبري حتي يكتشف الشعب المصري من الذي خطط وأدارالضربة الجوية من خلال حديثه الذي يظهر مدي احترافيتة الشديدة كقائد ثاني للقوات الجوية في حرب اكتوبر وسوف يكتشف الفرق عندما يسترجع أحاديث الرئيس السابق عن ذات الامر


بقيت اشارة مهمة وربما تكون بالغة الدلالة الا وهي أن الراحل الفريق أول محمود شاكر عبدالمنعم من أبناء قرية البيضاء – مركز تمي الامديد بمحافظة الدقهلية وهي نفس القرية التي ينتمي اليها المستشار عاصم الجوهري رئيس جهاز الكسب غير المشروع مساعد وزير العدل الذي يطارد الان مافيا الفساد واستغلال النفوذ في العهد البائد وعلي رأسهم الرئيس السابق محمد حسني مبارك !!


الفريق أول محمود شاكر عبدالمنعم .. تاريخ مشرف


ولد في 20 يوليو سنة 1926 في قرية البيضاء بمحافظة الدقهلية وكان من حفظة القران الكريم في سن مبكرة وعرف بذكائه وتفوقه فحصل علي المركز الاول في المرحلة الابتدائية علي منطقة شرق الدلتا، ثم حصل علي الثقافة أربع سنوات في سنة واحده، كما حصل علي شهادة التوجيهية ' الثانوية العامة ' عام 1947، والتحق بالكلية الحربية وتخرج منها في فبراير 1949 ثم التحق بالكلية الجوية وتخرج في مارس 1950 .
حصل علي بكارليوس في العلوم العسكرية عام 1949 ثم بكالوريوس الطيران عام 1950 ثم التحق بأكاديمية أركان حرب ولينجتون بالهند عام 1963 ثم أكاديمية الدفاع الجوي بكايفان بالاتحاد السوفيتي عام 1965 ثم أكاديمية ناصر العسكرية العليا ' كلية الحرب العليا ' عام 1972

حصل علي رتبة الملازم في أول فبراير 1949 ثم ملازم طيار في مارس 1950 ثم ملازم اول طيار في مايو 1952 ثم نقيب طيار في سبتمبر 1953 ثم رائد طيار في يوليو 1955 ثم مقدم طيار في يوليو 1960 ثم عقيد طيار في ابريل 1965ثم عميد طيار في يناير 1969 ثم لواء طيار في يونيه 1972 ثم فريق طيار في مايو 1979 كما منحه السادات رتبة الفريق أول عشية وفاته 6 ابريل 1980.

عين كبيرا لمعلمي الكلية الجوية في اكتوبر 1961 فرئيسا لفرع عمليات الدفاع الجوي بالمنطقة الشرقية في يناير 1966 فرئيسا لفرع التدريب بشعبة الدفاع الجوي في يناير 1967 فرئيسا لفرع العمليات بشعبة الدفاع الجوي في يونيه 1967 فقائدا للدفاع الجوي عن المنطقة المركزية في نوفمبر 1967 ثم رئيسا لشعبة العمليات الجوية في يوليو 1968 ثم مديرا للكلية الجوية في يونيه 1969 ثم قائدا ثانيا للقوات الجوية في ابريل 1972 ثم قائدا للقوات الجوية في ابريل 1975 ثم نائبا لوزير الدفاع وقائدا للقوات الجوية في اكتوبر 1976.

حصل علي فرقة ملاحة جوية وفرقة تحويل مقاتلات وفرقة مدرس طيران الجوية ثم ماجستير العلوم العسكرية من كلية ولنجستون بالهند وماجستير في العلوم تخصص دفاع جوي ثم اكاديمية كاليفان بالاتحاد السوفيتي .. كما حصل علي دراسات عليا في الاستراتيجية العسكرية من أكاديمية ناصر العسكرية العليا وكان ترتيبه الاول في جميع الدراسات والبعثات والفرق التي حصل عليها
.

حصل الفريق أول محمود شاكر عبدالمنعم علي وسام التحرير في عام 1952 - ووسام ذكري قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا عام 1958- وسام النيلين من الجمهورية السودانية 1974 – وسام علم يوغسلافيا بالحزام الذهبي في 1975 من رئيس جمهورية يوغوسلافيا – وسام جمهورية فرنسا في عام 1978 – كما حصل علي نوط الجلاء في 1955 ونوط الاستقلال في 1956 – ونوط النصر في 1957- ونوط الواجب العسكري 1959 – ونوط التدريب في1971 – ونوط الجمهورية العسكري من الطبقة الاول في 1974 .. كما حصل علي ميدالية فلسطين 1949 وميدالية محمد علي التذكارية 1949 وميدالية يوم الجيش 1959 وميدالية اليوبيل الفضي للقوات الجوية 1962 وميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة من الطبقة الاولي 1971 وميدالية العيد العشرين للثورة 1972 وميدالية 6 اكتوبر 1974 .

رسالة الى طالب رئاسة الجمهورية

رسالة الى كل من طلب رئاسة الجمهورية /ابنكم رضا فايد



بسمله تظهر فى اول رد فقط


سؤال الولاية وطلبها




هذا حديث تضمن موضوعين، عن عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة لا تطلب الولاية وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: إنا لا نولي أمرنا هذا، أو لا نولي أمرنا من طلبه .

لا تسأل الإمارة لا تطلب الولاية، الإمارة أو القضاء، يعني هذا التعبير ليس خاصا بما يسمى أمارة أو إمارة، بل هذا عام معناه عام في الولايات، لا تسأل الولاية إمارة قضاء أي ولاية: لا تسأل الإمارة وبين -صلى الله عليه وسلم- سر ذلك قال: فإنك إن أوتيتها أوتيت الإمارة عن مسألة وكلت إليها وكلك الله إليها، فلم تفلح في القيام بها، هذا المعنى، وكلت إلى نفسك، ووكلت إلى المنصب الوظيفة، يعني وكلك الله إليها، وكلت إليها يعني وكلك الله إليها، ولم يعنك، ومن حرم العون من الله لم يربح، ولم يفلح، ولم يؤد ما وكل إليه وما عهد به إليه.

وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها يعني أعانك الله عليها، فتوفق، وتؤدي المسئولية كما ينبغي، ويترتب على عملك صلاح الأمور، وتكون في عملك هذا مسددا موفقا، ترتب على ولايتك الخير والمصالح وتندفع المفاسد، والحديث ظاهر في هذا، وعلى ولي الأمر أن يختار لأي عمل من الأعمال الإمارات أو القضاء والأحكام وسائر الأعمال أن يختار من يكون أقوى وأقدر على القيام بهذه المهمة الوظيفة، ومقومات القدرة أو الأهلية مقومات الأهلية هي القوة والأمانة إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ هاتان الصفتان، القوة والقدرة على العمل والأمانة.


فهاتان الصفتان هما قوام كل عمل، كل الأعمال يعني أعمال الولاية، هذا محورها ومدارها القدرة والأمانة، وسؤال الولاية وطلبها، هذا يشعر بالحرص على المصالح والمكاسب المادية دون اهتمام بما وراء ذلك، وهي مسئولية، الولاية أي ولاية هي مسئولية، ولهذا يسمى أصحاب المناصب الكبيرة المسئولون الآن، مسئول، نعم هو مسئول وكل مسئول كما قال -صلى الله عليه وسلم-: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته المسئولية عامة.

ولكن جاء في قصة يوسف عليه السلام، أنه لما دعاه الملك وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ فهي تدل على جواز طلب الولاية، ولكن هذا محمول على ما إذا تعين الشخص ما هنالك من يقوم، يوسف عليه السلام في ذلك الضرب هو المتعين لهذا المنصب، ثم إن الملك دعاه وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فهو يريد أن يستفيد من خبرته ومن علمه، فكأنه يقول له: الآن أنت لك عندنا منزلة نريد يعني أن نوليك، فهو الآن قد هيأه للولاية، فهو أخبر بما يختاره من الولايات التي يعني يكون له الأثر الكبير والأثر الحميد.
اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ يعني ذو قدرة على الحفظ وأمانة، وعنده خبرة أيضا إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ فإذا يعني تعين ولم يكن هناك يعني من يقوم بهذه المهمة، فيجوز للإنسان، ولا سيما إذا كان لا يعرف عنه يعرف بنفسه، يقول: اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ فيكون ما دلت عليه الآية في قصة يوسف يعني مخصصا لإطلاق النهي عن سؤال الإمارة.


يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها ثم أرشده النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى موضوع، ولعل له مناسبة، قال: وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير .

الجمعة، 27 مايو 2011

باب أمور الإيمان.>>>>>>>فتح الباري شرح صحيح البخاري

باب أمور الإيمان وقول الله تعالى ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون وقوله قد أفلح المؤمنون الآية






9 حدثنا عبد الله بن محمد الجعفي قال حدثنا أبو عامر العقدي قال حدثنا سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان
الحاشية رقم: 1
قوله : ( باب أمور الإيمان ) ، وللكشميهني " أمر الإيمان " بالإفراد على إرادة الجنس ، والمراد بيان الأمور التي هي الإيمان والأمور التي للإيمان .


قوله : ( وقول الله تعالى ) بالخفض . ووجه الاستدلال بهذه الآية ومناسبتها لحديث الباب تظهر من الحديث الذي رواه عبد الرزاق وغيره من طريق مجاهد أن أبا ذر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان ، فتلا عليه ليس البر إلى آخرها ، ورجاله ثقات . وإنما لم يسقه المؤلف ; لأنه ليس على شرطه ، ووجهه أن الآية حصرت التقوى على أصحاب هذه الصفات ، والمراد المتقون من الشرك والأعمال السيئة . فإذا فعلوا وتركوا فهم المؤمنون الكاملون . والجامع بين الآية والحديث أن الأعمال مع انضمامها إلى التصديق داخلة في مسمى البر كما هي داخلة في مسمى الإيمان . فإن قيل : ليس في المتن ذكر التصديق . أجيب بأنه ثابت في أصل هذا الحديث كما أخرجه مسلم وغيره ، والمصنف يكثر الاستدلال بما اشتمل عليه المتن الذي يذكر أصله ولم يسقه تاما .


قوله : قد أفلح المؤمنون ذكره بلا أداة عطف ، والحذف جائز ، والتقدير وقول الله قد أفلح المؤمنون ، وثبت المحذوف في رواية الأصيلي ، ويحتمل أن يكون ذكر ذلك تفسيرا لقوله المتقون ، أي : المتقون هم الموصوفون بقوله قد أفلح إلى آخرها . وكأن المؤلف أشار إلى إمكان عد الشعب من هاتين الآيتين وشبههما ، ومن ثم ذكر ابن حبان أنه عد كل طاعة عدها الله تعالى في كتابه من الإيمان ، وكل طاعة عدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان ، وحذف المكرر فبلغت سبعا وسبعين في النسخ المطبوعة ( تسعا وتسعين ) ؛ وما هنا عن نسخة الرياض المخطوطة .


[ ص: 67 ] قوله : ( عن أبي هريرة ) هذا أول حديث وقع ذكره فيه . ومجموع ما أخرجه له البخاري من المتون المستقلة أربعمائة حديث وستة وأربعون حديثا على التحرير . وقد اختلف في اسمه اختلافا كثيرا قال ابن عبد البر : لم يختلف في اسم في الجاهلية والإسلام مثل ما اختلف في اسمه ، اختلف فيه على عشرين قولا . قلت : وسرد ابن الجوزي في التلقيح منها ثمانية عشر ، وقال النووي : تبلغ أكثر من ثلاثين قولا . قلت : وقد جمعتها في ترجمته في تهذيب التهذيب فلم تبلغ ذلك ; ولكن كلام الشيخ محمول على الاختلاف في اسمه وفي اسم أبيه معا .


قوله : ( بضع ) بكسر أوله ، وحكي الفتح لغة ، وهو عدد مبهم مقيد بما بين الثلاث إلى التسع كما جزم به القزاز . وقال ابن سيده : إلى العشر . وقيل : من واحد إلى تسعة . وقيل : من اثنين إلى عشرة . وقيل من أربعة إلى تسعة . وعن الخليل : البضع السبع . ويرجح ما قاله القزاز ما اتفق عليه المفسرون في قوله تعالى فلبث في السجن بضع سنين . وما رواه الترمذي بسند صحيح أن قريشا قالوا ذلك لأبي بكر ، وكذا رواه الطبري مرفوعا ، ونقل الصغاني في العباب أنه خاص بما دون العشرة وبما دون العشرين ، فإذا جاوز العشرين امتنع . قال : وأجازه أبو زيد فقال : يقال بضعة وعشرون رجلا وبضع وعشرون امرأة . وقال الفراء : وهو خاص بالعشرات إلى التسعين ، ولا يقال : بضع ومائة ولا بضع وألف . ووقع في بعض الروايات بضعة بتاء التأنيث ويحتاج إلى تأويل .


قوله : ( وستون ) لم تختلف الطرق عن أبي عامر شيخ شيخ المؤلف في ذلك ، وتابعه يحيى الحماني - بكسر المهملة وتشديد الميم - عن سليمان بن بلال ، وأخرجه أبو عوانة من طريق بشر بن عمرو عن سليمان بن بلال فقال : بضع وستون أو بضع وسبعون ، وكذا وقع التردد في رواية مسلم من طريق سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار ، ورواه أصحاب السنن الثلاثة من طريقه فقالوا : بضع وسبعون من غير شك ، ولأبي عوانة في صحيحه من طريق ست وسبعون أو سبع وسبعون ، ورجح البيهقي رواية البخاري ; لأن سليمان لم يشك ، وفيه نظر لما ذكرنا من رواية بشر بن عمرو عنه فتردد أيضا لكن يرجح بأنه المتيقن وما عداه مشكوك فيه . وأما رواية الترمذي بلفظ أربع وستون فمعلولة ، وعلى صحتها لا تخالف رواية البخاري ، وترجيح رواية بضع وسبعون لكونها زيادة ثقة - كما ذكره الحليمي ثم عياض - لا يستقيم ، إذ الذي زادها لم يستمر على الجزم بها ، لا سيما مع اتحاد المخرج . وبهذا يتبين شفوف نظر البخاري . وقد رجح ابن الصلاح الأقل لكونه المتيقن .


قوله : ( شعبة ) بالضم أي قطعة ، والمراد الخصلة أو الجزء .


قوله : ( والحياء ) هو بالمد ، وهو في اللغة تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ، [ ص: 68 ] وقد يطلق على مجرد ترك الشيء بسبب ، والترك إنما هو من لوازمه . وفي الشرع : خلق يبعث على اجتناب القبيح ، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ولهذا جاء في الحديث الآخر الحياء خير كله . فإن قيل : الحياء من الغرائز فكيف جعل شعبة من الإيمان ؟ أجيب بأنه قد يكون غريزة وقد يكون تخلقا ، ولكن استعماله على وفق الشرع يحتاج إلى اكتساب وعلم ونية ، فهو من الإيمان لهذا ، ولكونه باعثا على فعل الطاعة وحاجزا عن فعل المعصية ولا يقال : رب حياء يمنع عن قول الحق أو فعل الخير ; لأن ذاك ليس شرعيا ، فإن قيل : لم أفرده بالذكر هنا ؟ أجيب بأنه كالداعي إلى باقي الشعب ، إذ الحي يخاف فضيحة الدنيا والآخرة فيأتمر وينزجر ، والله الموفق .


وسيأتي مزيد في الكلام عن الحياء في " باب الحياء من الإيمان " بعد أحد عشر بابا .


( فائدة ) : قال القاضي عياض : تكلف جماعة حصر هذه الشعب بطريق الاجتهاد ، وفي الحكم بكون ذلك هو المراد صعوبة ، ولا يقدح عدم معرفة حصر ذلك على التفصيل في الإيمان . ا هـ


ولم يتفق من عد الشعب على نمط واحد ، وأقربها إلى الصواب طريقة ابن حبان ، لكن لم نقف على بيانها من كلامه ، وقد لخصت مما أوردوه ما أذكره ، وهو أن هذه الشعب تتفرع عن أعمال القلب ، وأعمال اللسان ، وأعمال البدن . فأعمال القلب فيه المعتقدات والنيات ، وتشتمل على أربع وعشرين خصلة : الإيمان بالله ، ويدخل فيه الإيمان بذاته وصفاته وتوحيده بأنه ليس كمثله شيء ، واعتقاد حدوث ما دونه . والإيمان بملائكته ، وكتبه ، ورسله ، والقدر خيره وشره . والإيمان باليوم الآخر ، ويدخل فيه المسألة في القبر ، والبعث ، والنشور ، والحساب ، والميزان ، والصراط ، والجنة والنار . ومحبة الله . والحب والبغض فيه ومحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، واعتقاد تعظيمه ، ويدخل فيه الصلاة عليه ، واتباع سنته . والإخلاص ، ويدخل فيه ترك الرياء والنفاق . والتوبة . والخوف . والرجاء . والشكر . والوفاء . والصبر . والرضا بالقضاء . والتوكل . والرحمة . والتواضع . ويدخل فيه توقير الكبير ورحمة الصغير . وترك الكبر والعجب . وترك الحسد . وترك الحقد . وترك الغضب .


وأعمال اللسان ، وتشتمل على سبع خصال : التلفظ بالتوحيد . وتلاوة القرآن . وتعلم العلم . وتعليمه . والدعاء . والذكر ، ويدخل فيه الاستغفار ، واجتناب اللغو .


وأعمال البدن ، وتشتمل على ثمان وثلاثين خصلة ، منها ما يختص بالأعيان وهي خمس عشرة خصلة : التطهير حسا وحكما ، ويدخل فيه اجتناب النجاسات . وستر العورة . والصلاة فرضا ونفلا . والزكاة كذلك . وفك الرقاب . والجود ، ويدخل فيه إطعام الطعام وإكرام الضيف . والصيام فرضا ونفلا . والحج ، والعمرة كذلك . والطواف . والاعتكاف . والتماس ليلة القدر . والفرار بالدين ، ويدخل فيه الهجرة من دار الشرك . والوفاء بالنذر ، والتحري في الإيمان ، وأداء الكفارات . ومنها ما يتعلق بالاتباع ، وهي ست خصال : التعفف بالنكاح ، والقيام بحقوق العيال ; وبر الوالدين ، وفيه اجتناب العقوق . وتربية الأولاد وصلة الرحم . وطاعة السادة أو الرفق بالعبيد . ومنها ما يتعلق بالعامة ، وهي سبع عشرة خصلة : القيام بالإمرة مع العدل . ومتابعة الجماعة . وطاعة أولي الأمر . والإصلاح بين الناس ، ويدخل فيه قتال الخوارج والبغاة . والمعاونة على البر ، ويدخل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود . والجهاد ، ومنه المرابطة . وأداء الأمانة ، ومنه أداء الخمس . والقرض مع وفائه . وإكرام الجار . وحسن المعاملة ، وفيه جمع المال من حله . وإنفاق المال في حقه ، ومنه ترك التبذير والإسراف . ورد السلام . وتشميت العاطس . وكف الأذى عن الناس . واجتناب اللهو وإماطة الأذى عن الطريق . فهذه تسع [ ص: 69 ] وستون خصلة ، ويمكن عدها تسعا وسبعين خصلة باعتبار إفراد ما ضم بعضه إلى بعض مما ذكر . والله أعلم .


( فائدة ) : في رواية مسلم من الزيادة " أعلاها لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " وفي هذا إشارة إلى أن مراتبها متفاوتة .


( تنبيه ) : في الإسناد المذكور رواية الأقران ، وهي : عبد الله بن دينار عن أبي صالح ; لأنهما تابعيان ، فإن وجدت رواية أبي صالح عنه صار من المدبج . ورجاله من سليمان إلى منتهاه من أهل المدينة وقد دخلها الباقون .

المنشد محمد العزاوي يقرأ بمقام الرست

الخميس، 26 مايو 2011

امنا عائشة.. في قلوبنا

من جميل مناظر الحياة وجود "الأم"، التي تغمر أولادها بالحب
والحنان منذ لحظة خروجهم إلى هذه الحياة حتى نهاية المطاف، ومما يكمل المسيرة جمالًا هو محافظة الأبناء من الذكور والإناث على بر الوالدين وذلك بخدمتهما والدعاء لهما والمحافظة عليهما من كل سوء، وهذا هو دأب المسلمين وهي سجيتهم في كل العصور من واجب البر، والأهم من ذلك كله أن يحافظ الأبناء على سمعة آبائهم وأمهاتهم من أقاويل السفهاء وكذب الفاسدين الذين فقدوا ماء الحياء من وجوههم فغدوا غربانًا في هيئة بشر.

ولك أن تتأمل إذا تعرضت -لا قدر الله- إلى نوع من الشتم أو القذف لأحد الوالدين وخصوصًا "الأم"، ماذا سيكون رد الفعل عندها، مما لاشك فيه ستذيق المسيء ألوانًا من العذاب وتجعله عبرةً للأجيال، جراء فعله المشين، وإذا كان رد الفعل بهذه القوة والحزم وهو مبرر لأن المستهدف الشخص هو المرتبة الثانية بعد رضا الله -سبحانه-.

وما هو رد فعلك أيها المسلم حين تسمع صوت المخنثين وهم يمارسون سب أمنا الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها وعن أبيها، ألا تستحق هذه "الأم"، العظيمة ردًا مزلزلاُ تسد أفواه "الشاتمين" بحجر من علقم، حتى يتعلموا أن عرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أغلى من نفوسنا وأبنائنا وكل ما نملك على هذه الحياة، وأود توضيح بعض المسائل في هذه الاتجاه:

إن قضية (الأخوة الإسلامية) التي ينادي بها البعض لا تتم بالسكوت عن جرائم سب أمهات المؤمنين والصحابة الكرام لان من يبرر ذلك تحت دعوى (التوحد) لا يملك من الغيرة والشرف شيء.

إن هذه "الأم"، ليست مجرد امرأة عادية، وإنما هي زوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبذلك تكون أمًا للمسلمين وهل يرضى مسلم أن تسب أمه، وأضف إلى ذلك أن ثلث التشريع الإسلامي من السنة النبوية جاء عن طريق الصديقة عائشة -رضي الله عنها-.

الكل سيقف أمام يوم القيامة وسيسأل عن دوره في نصرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وزوجاته وخلفاءه وأهل بيته، فماذا سيكون الجواب أيها الساكتون!!.

وهنا يبرز دورك أيها المسلم في نصرة (والدتك - عائشة)، في الدفاع عنها وذكر سيرتها، وتعليم مناقبها لأسرتك والإناث منهم على وجه الخصوص كي تكون لهن قدوة وأسوة في هذه الحياة.

تعليم سورة الأعلى

تعلم وعلم طفلك كيفية قراءة سورة الأعلى مع الشيخ محمد صديق المنشاوي..

الأربعاء، 25 مايو 2011

شروح الحديث فتح الباري شرح صحيح البخاري أحمد بن علي بن حجر العسقلاني

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب بدء الوحي باب بدء الوحي قال الشيخ الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري رحمه الله تعالى آمين كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول الله جل ذكره إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده


1 حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه

الحاشية رقم: 1
[ ص: 13 ] قال البخاري - رحمه الله تعالى ورضي الله عنه - : ( بسم الله الرحمن الرحيم . كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) هكذا في رواية أبي ذر والأصيلي بغير " باب " وثبت في رواية غيرهما ، فحكى عياض ومن تبعه فيه التنوين وتركه ، وقال الكرماني : يجوز فيه الإسكان على سبيل التعداد للأبواب . فلا يكون له إعراب. وقد اعترض على المصنف لكونه لم يفتتح الكتاب بخطبة تنبئ عن مقصوده مفتتحة بالحمد والشهادة امتثالا لقوله - صلى الله عليه وسلم - " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع " وقوله " كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء " أخرجهما أبو داود وغيره من حديث أبي هريرة .

والجواب عن الأول أن الخطبة لا يتحتم فيها سياق واحد يمتنع العدول عنه ، بل الغرض منها الافتتاح بما يدل على المقصود ، وقد صدر الكتاب بترجمة بدء الوحي وبالحديث الدال على مقصوده المشتمل على أن العمل دائر مع النية فكأنه يقول : قصدت جمع وحي السنة المتلقى عن خير البرية على وجه سيظهر حسن عملي فيه من قصدي ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فاكتفى بالتلويح عن التصريح . وقد سلك هذه الطريقة في معظم تراجم هذا الكتاب على ما سيظهر بالاستقراء .

والجواب عن الثاني أن الحديثين ليسا على شرطه ، بل في كل منهما مقال . سلمنا صلاحيتهما للحجة لكن ليس فيهما أن ذلك يتعين بالنطق والكتابة معا ، فلعله حمد وتشهد نطقا عند وضع الكتاب ولم يكتب ذلك اقتصارا على البسملة لأن القدر الذي يجمع الأمور الثلاثة ذكر الله وقد حصل بها ، ويؤيده أن أول شيء نزل من القرآن اقرأ باسم ربك فطريق التأسي به الافتتاح بالبسملة والاقتصار عليها ، لا سيما وحكاية ذلك من جملة ما تضمنه هذا الباب الأول ، بل هو المقصود بالذات من أحاديثه . ويؤيده أيضا [ ص: 14 ] وقوع كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك وكتبه في القضايا مفتتحة بالتسمية دون حمدلة وغيرها كما سيأتي في حديث أبي سفيان في قصة هرقل في هذا الباب ، وكما سيأتي في حديث البراء في قصة سهيل بن عمرو في صلح الحديبية ، وغير ذلك من الأحاديث . وهذا يشعر بأن لفظ الحمد والشهادة إنما يحتاج إليه في الخطب دون الرسائل والوثائق ، فكأن المصنف لما لم يفتتح كتابه بخطبة أجراه مجرى الرسائل إلى أهل العلم لينتفعوا بما فيه تعلما وتعليما .

وقد أجاب من شرح هذا الكتاب بأجوبة أخر فيها نظر ، منها أنه تعارض عنده الابتداء بالتسمية والحمدلة ، فلو ابتدأ بالحمدلة لخالف العادة ، أو بالتسمية لم يعد مبتدئا بالحمدلة فاكتفى بالتسمية . وتعقب بأنه لو جمع بينهما لكان مبتدئا بالحمدلة بالنسبة إلى ما بعد التسمية ، وهذه هي النكتة في حذف العاطف فيكون أولى لموافقته الكتاب العزيز ، فإن الصحابة افتتحوا كتابة الإمام الكبير بالتسمية والحمد وتلوها ، وتبعهم جميع من كتب المصحف بعدهم في جميع الأمصار ، من يقول بأن البسملة آية من أول الفاتحة ، ومن لا يقول ذلك ، ومنها أنه راعى قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله فلم يقدم على كلام الله ورسوله شيئا واكتفى بها عن كلام نفسه ، وتعقب بأنه كان يمكنه أن يأتي بلفظ الحمد من كلام الله تعالى ، وأيضا فقد قدم الترجمة وهي من كلامه على الآية ، وكذا ساق السند قبل لفظ الحديث ، والجواب عن ذلك بأن الترجمة والسند وإن كانا متقدمين لفظا لكنهما متأخران تقديرا فيه نظر . وأبعد من ذلك كله قول من ادعى أنه ابتدأ بخطبة فيها حمد وشهادة ، فحذفها بعض من حمل عنه الكتاب . وكأن قائل هذا ما رأى تصانيف الأئمة من شيوخ البخاري وشيوخ شيوخه وأهل عصره كمالك في الموطأ ، وعبد الرزاق في المصنف ، وأحمد في المسند ، وأبي داود في السنن إلى ما لا يحصى ممن لم يقدم في ابتداء تصنيفه خطبة ، ولم يزد على التسمية ، وهم الأكثر ، والقليل منهم من افتتح كتابه بخطبة ، أفيقال في كل من هؤلاء إن الرواة عنه حذفوا ذلك ؟ كلا ، بل يحمل ذلك من صنيعهم على أنهم حمدوا لفظا . ويؤيده ما رواه الخطيب في الجامع عن أحمد أنه كان يتلفظ بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كتب الحديث ولا يكتبها ، والحامل له على ذلك إسراع أو غيره ، أو يحمل على أنهم رأوا ذلك مختصا بالخطب دون الكتب كما تقدم ; ولهذا من افتتح كتابه منهم بخطبة حمد وتشهد كما صنع مسلم ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب . وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالبسملة وكذا معظم كتب الرسائل ، واختلف القدماء فيما إذا كان الكتاب كله شعرا فجاء عن الشعبي منع ذلك ، وعن الزهري قال : مضت السنة أن لا يكتب في الشعر بسم الله الرحمن الرحيم ، وعن سعيد بن جبير جواز ذلك وتابعه على ذلك الجمهور ، وقال الخطيب هو المختار .

قوله : ( بدء الوحي ) قال عياض : روي بالهمز مع سكون الدال من الابتداء ، وبغير همز مع ضم الدال وتشديد الواو من الظهور . قلت : ولم أره مضبوطا في شيء من الروايات التي اتصلت لنا ، إلا أنه وقع في بعضها " كيف كان ابتداء الوحي " ، فهذا يرجح الأول ، وهو الذي سمعناه من أفواه المشايخ . وقد استعمل المصنف هذه العبارة كثيرا ، كبدء الحيض وبدء الأذان وبدء الخلق .

والوحي لغة الإعلام في خفاء ، والوحي أيضا الكتابة والمكتوب والبعث والإلهام والأمر والإيماء والإشارة والتصويت شيئا بعد شيء . وقيل : أصله التفهيم ، وكل ما دللت به من كلام أو كتابة أو رسالة أو إشارة فهو وحي . وشرعا الإعلام [ ص: 15 ] بالشرع . وقد يطلق الوحي ويراد به اسم المفعول منه أي الموحى ، وهو كلام الله المنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد اعترض محمد بن إسماعيل التيمي على هذه الترجمة فقال : لو قال كيف كان الوحي لكان أحسن ; لأنه تعرض فيه لبيان كيفية الوحي ، لا لبيان كيفية بدء الوحي فقط . وتعقب بأن المراد من بدء الوحي حاله مع كل ما يتعلق بشأنه أي تعلق كان . والله أعلم .

قوله : ( وقول الله ) هو بالرفع على حذف الباب عطفا على الجملة لأنها في محل رفع ، وكذا على تنوين باب . وبالجر عطفا على كيف وإثبات باب بغير تنوين ، والتقدير باب معنى قول الله كذا ، أو الاحتجاج بقول الله كذا ، ولا يصح تقدير كيفية قول الله لأن كلام الله لا يكيف قاله عياض ، ويجوز رفع " وقول الله " على القطع وغيره .

قوله : ( إنا أوحينا إليك . . . الآية ) قيل قدم ذكر نوح فيها لأنه أول نبي أرسل ، أو أول نبي عوقب قومه ، فلا يرد كون آدم أول الأنبياء مطلقا ، كما سيأتي بسط القول في ذلك في الكلام على حديث الشفاعة . ومناسبة الآية للترجمة واضح من جهة أن صفة الوحي إلى نبينا - صلى الله عليه وسلم - توافق صفة الوحي إلى من تقدمه من النبيين ، ومن جهة أن أول أحوال النبيين في الوحي بالرؤيا ، كما رواه أبو نعيم في الدلائل بإسناد حسن عن علقمة بن قيس صاحب ابن مسعود قال : إن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم ، ثم ينزل الوحي بعد في اليقظة .

قوله : ( حدثنا الحميدي ) هو أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى ، منسوب إلى حميد بن أسامة بطن من بني أسد بن عبد العزى بن قصي رهط خديجة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، يجتمع معها في أسد ويجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصي . وهو إمام كبير مصنف ، رافق الشافعي في الطلب عن ابن عيينة وطبقته وأخذ عنه الفقه ورحل معه إلى مصر ، ورجع بعد وفاته إلى مكة إلى أن مات بها سنة تسع عشرة ومائتين . فكأن البخاري امتثل قوله - صلى الله عليه وسلم - " قدموا قريشا " فافتتح كتابه بالرواية عن الحميدي لكونه أفقه قرشي أخذ عنه . وله مناسبة أخرى لأنه مكي كشيخه فناسب أن يذكر في أول ترجمة بدء الوحي لأن ابتداءه كان بمكة ، ومن ثم ثنى بالرواية عن مالك لأنه شيخ أهل المدينة وهي تالية لمكة في نزول الوحي وفي جميع الفضل ، ومالك وابن عيينة قرينان ، قال الشافعي : لولاهما لذهب العلم من الحجاز .

قوله : ( حدثنا سفيان ) هو ابن عيينة بن أبي عمران الهلالي أبو محمد المكي ، أصله ومولده الكوفة ، [ ص: 16 ] وقد شارك مالكا في كثير من شيوخه وعاش بعده عشرين سنة ، وكان يذكر أنه سمع من سبعين من التابعين .

قوله : ( عن يحيى بن سعيد ) في رواية غير أبي ذر : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري . اسم جده قيس بن عمرو وهو صحابي ، ويحيى من صغار التابعين ، وشيخه محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي من أوساط التابعين ، وشيخ محمد علقمة بن وقاص الليثي من كبارهم ، ففي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق . وفي المعرفة لابن منده ما ظاهره أن علقمة صحابي ، فلو ثبت لكان فيه تابعيان وصحابيان ، وعلى رواية أبي ذر يكون قد اجتمع في هذا الإسناد أكثر الصيغ التي يستعملها المحدثون ، وهي التحديث والإخبار والسماع والعنعنة والله أعلم . وقد اعترض على المصنف في إدخاله حديث الأعمال هذا في ترجمة بدء الوحي وأنه لا تعلق له به أصلا ، بحيث إن الخطابي في شرحه والإسماعيلي في مستخرجه أخرجاه قبل الترجمة لاعتقادهما أنه إنما أورده للتبرك به فقط ، واستصوب أبو القاسم بن منده صنيع الإسماعيلي في ذلك ، وقال ابن رشيد : لم يقصد البخاري بإيراده سوى بيان حسن نيته فيه في هذا التأليف ، وقد تكلفت مناسبته للترجمة ، فقال : كل بحسب ما ظهر له . انتهى . وقد قيل : إنه أراد أن يقيمه مقام الخطبة للكتاب ; لأن في سياقه أن عمر قاله على المنبر بمحضر الصحابة ، فإذا صلح أن يكون في خطبة المنبر صلح أن يكون في خطبة الكتب . وحكى المهلب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب به حين قدم المدينة مهاجرا ، فناسب إيراده في بدء الوحي ; لأن الأحوال التي كانت قبل الهجرة كانت كالمقدمة لها لأن بالهجرة افتتح الإذن في قتال المشركين ، ويعقبه النصر والظفر والفتح انتهى . وهذا وجه حسن ، إلا أنني لم أر ما ذكره - من كونه - صلى الله عليه وسلم - خطب به أول ما هاجر - منقولا . وقد وقع في باب ترك الحيل بلفظ : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " يا أيها الناس إنما الأعمال بالنية " الحديث ، ففي هذا إيماء إلى أنه كان في حال الخطبة ، أما كونه كان في ابتداء قدومه إلى المدينة فلم أر ما يدل عليه ، ولعل قائله استند إلى ما روي في قصة مهاجر أم قيس ، قال ابن دقيق العيد : نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس ، فلهذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما ينوى به ، انتهى . وهذا لو صح لم يستلزم البداءة بذكره أول الهجرة النبوية . وقصة مهاجر أم قيس رواها سعيد بن منصور قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله - هو ابن مسعود - قال : من هاجر يبتغي شيئا فإنما له ذلك ، هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس فكان يقال له مهاجر أم قيس ورواه الطبراني من طريق أخرى عن الأعمش بلفظ : كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها ، فكنا نسميه مهاجر أم قيس . وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، لكن ليس فيه أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك ، ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك . وأيضا فلو أراد البخاري إقامته مقام الخطبة فقط أو الابتداء به تيمنا وترغيبا في الإخلاص لكان ساقه قبل الترجمة كما قال الإسماعيلي وغيره ونقل ابن بطال عن أبي عبد الله بن النجار قال : التبويب يتعلق بالآية والحديث معا ; لأن الله تعالى أوحى إلى الأنبياء ثم إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - أن الأعمال بالنيات لقوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين .

وقال أبو العالية في قوله تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا قال وصاهم بالإخلاص في عبادته . وعن أبي عبد الملك البوني قال : مناسبة الحديث للترجمة أن بدء الوحي كان بالنية ; لأن الله تعالى فطر محمدا [ ص: 17 ] على التوحيد وبغض إليه الأوثان ووهب له أول أسباب النبوة وهي الرؤيا الصالحة ، فلما رأى ذلك أخلص إلى الله في ذلك فكان يتعبد بغار حراء فقبل الله عمله وأتم له النعمة . وقال المهلب ما محصله : قصد البخاري الإخبار عن حال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حال منشئه وأن الله بغض إليه الأوثان وحبب إليه خلال الخير ولزوم الوحدة فرارا من قرناء السوء ، فلما لزم ذلك أعطاه الله على قدر نيته ووهب له النبوة كما يقال الفواتح عنوان الخواتم . ولخصه بنحو من هذا القاضي أبو بكر بن العربي .

وقال ابن المنير في أول التراجم : كان مقدمة النبوة في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - الهجرة إلى الله تعالى بالخلوة في غار حراء فناسب الافتتاح بحديث الهجرة . ومن المناسبات البديعة الوجيزة ما تقدمت الإشارة إليه أن الكتاب لما كان موضوعا لجمع وحي السنة صدره ببدء الوحي ، ولما كان الوحي لبيان الأعمال الشرعية صدره بحديث الأعمال ، ومع هذه المناسبات لا يليق الجزم بأنه لا تعلق له بالترجمة أصلا . والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم . وقد تواتر النقل عن الأئمة في تعظيم قدر هذا الحديث : قال أبو عبد الله : ليس في أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة من هذا الحديث . واتفق عبد الرحمن بن مهدي والشافعي فيما نقله البويطي عنه وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني وأبو داود والترمذي والدارقطني وحمزة الكناني على أنه ثلث الإسلام ، ومنهم من قال ربعه ، واختلفوا في تعيين الباقي . وقال ابن مهدي أيضا : يدخل في ثلاثين بابا من العلم ، وقال الشافعي : يدخل في سبعين بابا ، ويحتمل أن يريد بهذا العدد المبالغة . وقال عبد الرحمن بن مهدي أيضا : ينبغي أن يجعل هذا الحديث رأس كل باب . ووجه البيهقي كونه ثلث العلم بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه ، فالنية أحد أقسامها الثلاثة وأرجحها ; لأنها قد تكون عبادة مستقلة وغيرها يحتاج إليها ، ومن ثم ورد : نية المؤمن خير من عمله ، فإذا نظرت إليها كانت خير الأمرين . وكلام الإمام أحمد يدل على أنه بكونه ثلث العلم أنه أراد أحد القواعد الثلاثة التي ترد إليها جميع الأحكام عنده ، وهي هذا و من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد و الحلال بين والحرام بين الحديث . ثم إن هذا الحديث متفق على صحته أخرجه الأئمة المشهورون إلا الموطأ ، ووهم من زعم أنه في الموطأ مغترا بتخريج الشيخين له والنسائي من طريق مالك ، وقال أبو جعفر الطبري : قد يكون هذا الحديث على طريقة بعض الناس مردودا لكونه فردا ; لأنه لا يروى عن عمر إلا من رواية علقمة ، ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من رواية يحيى بن سعيد ، وهو كما قال ، فإنه إنما اشتهر عن يحيى بن سعيد وتفرد به من فوقه وبذلك جزم الترمذي والنسائي والبزار وابن السكن وحمزة بن محمد الكناني ، وأطلق الخطابي نفي الخلاف بين أهل الحديث في أنه لا يعرف إلا بهذا الإسناد ، وهو كما قال لكن بقيدين :

أحدهما : الصحة لأنه ورد من طرق معلولة ذكرها الدارقطني وأبو القاسم بن منده وغيرهما .

ثانيهما : السياق لأنه ورد في معناه عدة أحاديث صحت في مطلق النية كحديث عائشة وأم سلمة عند مسلم 8 " يبعثون على نياتهم " ، وحديث ابن عباس " ولكن جهاد ونية " ، وحديث أبي موسى " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " متفق عليهما ، وحديث ابن مسعود " رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته " أخرجه أحمد ، وحديث عبادة " من غزا وهو لا ينوي إلا عقالا فله ما نوى " أخرجه النسائي ، إلى غير ذلك مما يتعسر حصره ، وعرف بهذا التقرير غلط من زعم أن حديث عمر متواتر ، إلا إن حمل على [ ص: 18 ] التواتر المعنوي فيحتمل . نعم قد تواتر عن يحيى بن سعيد : فحكى محمد بن علي بن سعيد النقاش الحافظ أنه رواه عن يحيى مائتان وخمسون نفسا ، وسرد أسماءهم أبو القاسم بن منده فجاوز الثلاثمائة ، وروى أبو موسى المديني عن بعض مشايخه مذاكرة عن الحافظ أبي إسماعيل الأنصاري الهروي قال : كتبته من حديث سبعمائة من أصحاب يحيى . قلت : وأنا أستبعد صحة هذا ، فقد تتبعت طرقه من الروايات المشهورة والأجزاء المنثورة منذ طلبت الحديث إلى وقتي هذا فما قدرت على تكميل المائة ، وقد تتبعت طرق غيره فزادت على ما نقل عمن تقدم ، كما سيأتي مثال لذلك في الكلام على حديث ابن عمر في غسل الجمعة إن شاء الله تعالى .

قوله : ( على المنبر ) بكسر الميم ، واللام للعهد ، أي منبر المسجد النبوي ، ووقع في رواية حماد بن زيد عن يحيى في ترك الحيل : سمعت عمر يخطب .

قوله : ( إنما الأعمال بالنيات ) كذا أورد هنا ، وهو من مقابلة الجمع بالجمع ، أي كل عمل بنيته . وقال الخوبي لعله الحربي كأنه أشار بذلك إلى أن النية تتنوع كما تتنوع الأعمال كمن قصد بعمله وجه الله أو تحصيل موعوده أو الاتقاء لوعيده . ووقع في معظم الروايات بإفراد النية ، ووجهه أن محل النية القلب وهو متحد فناسب إفرادها . بخلاف الأعمال فإنها متعلقة بالظواهر وهي متعددة فناسب جمعها ; ولأن النية ترجع إلى الإخلاص وهو واحد للواحد الذي لا شريك له . ووقعت في صحيح ابن حبان بلفظ " الأعمال بالنيات " بحذف " إنما " وجمع الأعمال والنيات ، وهي ما وقع في كتاب الشهاب للقضاعي هو القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون المتوفى سنة 454 ووصله في مسنده كذلك ، وأنكره أبو موسى المديني كما نقله النووي وأقره ، وهو متعقب برواية ابن حبان ، بل وقع في رواية مالك عن يحيى عند البخاري في كتاب الإيمان بلفظ " الأعمال بالنية " ، وكذا في العتق من رواية الثوري ، وفي الهجرة من رواية حماد بن زيد ، ووقع عنده في النكاح بلفظ " العمل بالنية " بإفراد كل منهما . والنية بكسر النون وتشديد التحتانية على المشهور ، وفي بعض اللغات بتخفيفها . قال الكرماني قوله " إنما الأعمال بالنيات " هذا التركيب يفيد الحصر عند المحققين ، واختلف في وجه إفادته فقيل لأن الأعمال جمع محلى بالألف واللام مفيد للاستغراق ، وهو مستلزم للقصر لأن معناه كل عمل بنية فلا عمل إلا بنية ، وقيل لأن إنما للحصر ، وهل إفادتها له بالمنطوق أو بالمفهوم ، أو تفيد الحصر بالوضع أو العرف ، أو تفيده بالحقيقة أو بالمجاز ؟ ومقتضى كلام الإمام وأتباعه أنها تفيده بالمنطوق وضعا حقيقيا ، بل نقله شيخنا شيخ الإسلام عن جميع أهل الأصول من المذاهب الأربعة إلا اليسير كالآمدي ، وعلى العكس من ذلك أهل العربية ، واحتج بعضهم بأنها لو كانت للحصر لما حسن إنما قام زيد في جواب هل قام عمرو ، أجيب بأنه يصح أنه يقع في مثل هذا الجواب ما قام إلا زيد وهي للحصر اتفاقا ، وقيل : لو كانت للحصر لاستوى إنما قام زيد مع ما قام إلا زيد ، ولا تردد في أن الثاني أقوى من الأول ، وأجيب بأنه لا يلزم من هذه القوة نفي الحصر فقد يكون أحد اللفظين أقوى من الآخر مع اشتراكهما في أصل الوضع كسوف والسين ، وقد وقع استعمال إنما موضع استعمال النفي والاستثناء كقوله تعالى إنما تجزون ما كنتم تعملون وكقوله : وما تجزون إلا ما كنتم تعملون وقوله : إنما على رسولنا البلاغ المبين وقوله : ما على الرسول إلا البلاغ ومن شواهده قول الأعشى : ولست بالأكثر منهم حصى وإنما العزة للكاثر [ ص: 19 ] يعني ما ثبتت العزة إلا لمن كان أكثر حصى . واختلفوا : هل هي بسيطة أو مركبة ، فرجحوا الأول ، وقد يرجح الثاني ، ويجاب عما أورد عليه من قولهم إن " إن " للإثبات و " ما " للنفي فيستلزم اجتماع المتضادين على صدد واحد بأن يقال مثلا : أصلهما كان للإثبات والنفي ، لكنهما بعد التركيب لم يبقيا على أصلهما بل أفادا شيئا آخر ، أشار إلى ذلك الكرماني قال : وأما قول من قال إفادة هذا السياق للحصر من جهة أن فيه تأكيدا بعد تأكيد وهو المستفاد من إنما ومن الجمع ، فتعقب بأنه من باب إيهام العكس ; لأن قائله لما رأى أن الحصر فيه تأكيد على تأكيد ظن أن كل ما وقع كذلك يفيد الحصر . وقال ابن دقيق العيد : استدل على إفادة إنما للحصر بأن ابن عباس استدل على أن الربا لا يكون إلا في النسيئة بحديث " إنما الربا في النسيئة " ، وعارضه جماعة من الصحابة في الحكم ولم يخالفوه في فهمه فكان كالاتفاق منهم على أنها تفيد الحصر . وتعقب باحتمال أن يكونوا تركوا المعارضة بذلك تنزلا . وأما من قال : يحتمل أن يكون اعتمادهم على قوله " لا ربا إلا في النسيئة " لورود ذلك في بعض طرق الحديث المذكور ، فلا يفيد ذلك في رد إفادة الحصر ، بل يقويه ويشعر بأن مفاد الصيغتين عندهم واحد ، وإلا لما استعملوا هذه موضع هذه . وأوضح من هذا حديث " إنما الماء من الماء " فإن الصحابة الذين ذهبوا إليه لم يعارضهم الجمهور في فهم الحصر منه ، وإنما عارضهم في الحكم من أدلة أخرى كحديث " إذا التقى الختانان " وقال ابن عطية : إنما لفظ لا يفارقه المبالغة والتأكيد حيث وقع ، ويصلح مع ذلك للحصر إن دخل في قصة ساعدت عليه ، فجعل وروده للحصر مجازا يحتاج إلى قرينة ، وكلام غيره على العكس من ذلك وأن أصل ورودها للحصر ، لكن قد يكون في شيء مخصوص كقوله تعالى إنما الله إله واحد فإنه سيق باعتبار منكري الوحدانية ، وإلا فلله سبحانه صفات أخرى كالعلم والقدرة ، وكقوله تعالى إنما أنت منذر فإنه سيق باعتبار منكري الرسالة ، وإلا فله - صلى الله عليه وسلم - صفات أخرى كالبشارة ، إلى غير ذلك من الأمثلة . وهي - فيما يقال - السبب في قول من منع إفادتها للحصر مطلقا .

( تكميل ) : الأعمال تقتضي عاملين ، والتقدير : الأعمال الصادرة من المكلفين ، وعلى هذا هل تخرج أعمال الكفار ؟ الظاهر الإخراج ; لأن المراد بالأعمال أعمال العبادة وهي لا تصح من الكافر وإن كان مخاطبا بها معاقبا على تركها ولا يرد العتق والصدقة لأنهما بدليل آخر .

قوله : ( بالنيات ) الباء للمصاحبة ، ويحتمل أن تكون للسببية بمعنى أنها مقومة للعمل فكأنها سبب في إيجاده ، وعلى الأول فهي من نفس العمل فيشترط أن لا تتخلف عن أوله . قال النووي : النية القصد ، وهي عزيمة القلب . وتعقبه الكرماني بأن عزيمة القلب قدر زائد على أصل القصد . واختلف الفقهاء هل هي ركن أو شرط ؟ والمرجح أن إيجادها ذكرا في أول العمل ركن ، واستصحابها حكما بمعنى أن لا يأتي بمناف شرعا شرط . ولا بد من محذوف يتعلق به الجار والمجرور ، فقيل تعتبر وقيل تكمل وقيل تصح وقيل تحصل وقيل تستقر . قال الطيبي : كلام الشارع محمول على بيان الشرع ; لأن المخاطبين بذلك هم أهل اللسان ، فكأنهم خوطبوا بما ليس لهم به علم إلا من قبل الشارع ، فيتعين الحمل على ما يفيد الحكم الشرعي . وقال البيضاوي : النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقا لغرض من جلب نفع أو دفع ضر حالا أو مآلا ، والشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضاء الله وامتثال حكمه . والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي ليحسن تطبيقه على ما بعده وتقسيمه أحوال المهاجر ، فإنه تفصيل لما أجمل ، والحديث متروك [ ص: 20 ] الظاهر لأن الذوات غير منتفية ، إذ التقدير : لا عمل إلا بالنية ، فليس المراد نفي ذات العمل لأنه قد يوجد بغير نية ، بل المراد نفي أحكامها كالصحة والكمال ، لكن الحمل على نفي الصحة أولى لأنه أشبه بنفي الشيء نفسه ; ولأن اللفظ دل على نفي الذات بالتصريح وعلى نفي الصفات بالتبع ، فلما منع الدليل نفي الذات بقيت دلالته على نفي الصفات مستمرة . وقال شيخنا شيخ الإسلام : الأحسن تقدير ما يقتضي أن الأعمال تتبع النية ، لقوله في الحديث " فمن كانت هجرته " إلى آخره . وعلى هذا يقدر المحذوف كونا مطلقا من اسم فاعل أو فعل . ثم لفظ العمل يتناول فعل الجوارح حتى اللسان فتدخل الأقوال . قال ابن دقيق العيد : وأخرج بعضهم الأقوال وهو بعيد ، ولا تردد عندي في أن الحديث يتناولها . وأما التروك فهي وإن كانت فعل كف لكن لا يطلق عليها لفظ العمل . وقد تعقب على من يسمي القول عملا لكونه عمل اللسان ، بأن من حلف لا يعمل عملا فقال قولا لا يحنث . وأجيب بأن مرجع اليمين إلى العرف ، والقول لا يسمى عملا في العرف ولهذا يعطف عليه . والتحقيق أن القول لا يدخل في العمل حقيقة ويدخل مجازا ، وكذا الفعل ، لقوله تعالى ولو شاء ربك ما فعلوه بعد قوله : زخرف القول . وأما عمل القلب كالنية فلا يتناولها الحديث لئلا يلزم التسلسل ، والمعرفة : وفي تناولها نظر ، قال بعضهم : هو محال لأن النية قصد المنوي ، وإنما يقصد المرء ما يعرف فيلزم أن يكون عارفا قبل المعرفة . وتعقبه شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني بما حاصله : إن كان المراد بالمعرفة مطلق الشعور فمسلم ، وإن كان المراد النظر في الدليل فلا ; لأن كل ذي عقل يشعر مثلا بأن له من يدبره ، فإذا أخذ في النظر في الدليل عليه ليتحققه لم تكن النية حينئذ محالا . وقال ابن دقيق العيد : الذين اشترطوا النية قدروا صحة الأعمال ، والذين لم يشترطوها قدروا كمال الأعمال ، ورجح الأول بأن الصحة أكثر لزوما للحقيقة من الكمال فالحمل عليها أولى . وفي هذا الكلام إيهام أن بعض العلماء لا يرى باشتراط النية ، وليس الخلاف بينهم في ذلك إلا في الوسائل ، وأما المقاصد فلا اختلاف بينهم في اشتراط النية لها ، ومن ثم خالف الحنفية في اشتراطها للوضوء ، وخالف الأوزاعي في اشتراطها في التيمم أيضا . نعم بين العلماء اختلاف في اقتران النية بأول العمل كما هو معروف في مبسوطات الفقه .

( تكميل ) : الظاهر أن الألف واللام في النيات معاقبة للضمير ، والتقدير الأعمال بنياتها ، وعلى هذا فيدل على اعتبار نية العمل من كونه مثلا صلاة أو غيرها ، ومن كونها فرضا أو نفلا ، ظهرا مثلا أو عصرا ، مقصورة أو غير مقصورة وهل يحتاج في مثل هذا إلى تعيين العدد ؟ فيه بحث . والراجح الاكتفاء بتعيين العبادة التي لا تنفك عن العدد المعين ، كالمسافر مثلا ليس له أن يقصر إلا بنية القصر ، لكن لا يحتاج إلى نية ركعتين لأن ذلك هو مقتضى القصر والله أعلم .

قوله : ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) قال القرطبي : فيه تحقيق لاشتراط النية والإخلاص في الأعمال ، فجنح إلى أنها مؤكدة ، وقال غيره : بل تفيد غير ما أفادته الأولى ; لأن الأولى نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها ، فيترتب الحكم على ذلك ، والثانية أفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه وقال ابن دقيق العيد : الجملة الثانية تقتضي أن من نوى شيئا يحصل له - يعني إذا عمله بشرائطه - أو حال دون عمله له ما يعذر شرعا بعدم عمله وكل ما لم ينوه لم يحصل له . ومراده بقوله " ما لم ينوه " أي لا خصوصا ولا عموما ، أما إذا لم ينو شيئا مخصوصا لكن كانت هناك نية عامة تشمله فهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء . ويتخرج عليه من المسائل ما لا يحصى . وقد يحصل [ ص: 21 ] غير المنوي لمدرك آخر كمن دخل المسجد فصلى الفرض أو الراتبة قبل أن يقعد فإنه يحصل له تحية المسجد نواها أو لم ينوها ; لأن القصد بالتحية شغل البقعة وقد حصل ، وهذا بخلاف من اغتسل يوم الجمعة عن الجنابة فإنه لا يحصل له غسل الجمعة على الراجح ; لأن غسل الجمعة ينظر فيه إلى التعبد لا إلى محض التنظيف فلا بد فيه من القصد إليه ، بخلاف تحية المسجد والله أعلم . وقال النووي : أفادت الجملة الثانية اشتراط تعيين المنوي كمن عليه صلاة فائتة لا يكفيه أن ينوي الفائتة فقط حتى يعينها ظهرا مثلا أو عصرا ، ولا يخفى أن محله ما إذا لم تنحصر الفائتة . وقال ابن السمعاني في أماليه : أفادت أن الأعمال الخارجة عن العبادة لا تفيد الثواب إلا إذا نوى بها فاعلها القربة ، كالأكل إذا نوى به القوة على الطاعة . وقال غيره : أفادت أن النيابة لا تدخل في النية ، فإن ذلك هو الأصل ، فلا يرد مثل نية الولي عن الصبي ونظائره فإنها على خلاف الأصل . وقال ابن عبد السلام : الجملة الأولى لبيان ما يعتبر من الأعمال ، والثانية لبيان ما يترتب عليها . وأفاد أن النية إنما تشترط في العبادة التي لا تتميز بنفسها ، وأما ما يتميز بنفسه فإنه ينصرف بصورته إلى ما وضع له كالأذكار والأدعية والتلاوة لأنها لا تتردد بين العبادة والعادة . ولا يخفى أن ذلك إنما هو بالنظر إلى أصل الوضع ، أما ما حدث فيه عرف كالتسبيح للتعجب فلا ، ومع ذلك فلو قصد بالذكر القربة إلى الله تعالى لكان أكثر ثوابا ، ومن ثم قال الغزالي : حركة اللسان بالذكر مع الغفلة عنه تحصل الثواب ; لأنه خير من حركة اللسان بالغيبة ، بل هو خير من السكوت مطلقا ، أي المجرد عن التفكر . قال : وإنما هو ناقص بالنسبة إلى عمل القلب ، انتهى . ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم - " في بضع أحدكم صدقة " ثم قال في الجواب عن قولهم " أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر ؟ " : " أرأيت لو وضعها في حرام " . وأورد على إطلاق الغزالي أنه يلزم منه أن المرء يثاب على فعل مباح لأنه خير من فعل الحرام ، وليس ذلك مراده . وخص من عموم الحديث ما يقصد حصوله في الجملة فإنه لا يحتاج إلى نية تخصه كتحية المسجد كما تقدم ، وكمن مات زوجها فلم يبلغها الخبر إلا بعد مدة العدة فإن عدتها تنقضي ; لأن المقصود حصول براءة الرحم وقد وجدت ، ومن ثم لم يحتج المتروك إلى نية . ونازع الكرماني في إطلاق الشيخ محيي الدين كون المتروك لا يحتاج إلى نية بأن الترك فعل وهو كف النفس ، وبأن التروك إذا أريد بها تحصيل الثواب بامتثال أمر الشارع فلا بد فيها من قصد الترك ، وتعقب بأن قوله " الترك فعل " مختلف فيه ، ومن حق المستدل على المانع أن يأتي بأمر متفق عليه . وأما استدلاله الثاني فلا يطابق المورد ; لأن المبحوث فيه هل تلزم النية في التروك بحيث يقع العقاب بتركها ؟ والذي أورده هل يحصل الثواب بدونها ؟ والتفاوت بين المقامين ظاهر . والتحقيق أن الترك المجرد لا ثواب فيه ، وإنما يحصل الثواب بالكف الذي هو فعل النفس ، فمن لم تخطر المعصية بباله أصلا ليس كمن خطرت فكف نفسه عنها خوفا من الله تعالى ، فرجع الحال إلى أن الذي يحتاج إلى النية هو العمل بجميع وجوهه ، لا الترك المجرد . والله أعلم .

( تنبيه ) : قال الكرماني : إذا قلنا إن تقديم الخبر على المبتدأ يفيد القصر ففي قوله " وإنما لكل امرئ ما نوى " نوعان من الحصر : قصر المسند على المسند إليه إذ المراد إنما لكل امرئ ما نواه ، والتقديم المذكور .

قوله : ( فمن كانت هجرته إلى دنيا ) كذا وقع في جميع الأصول التي اتصلت لنا عن البخاري بحذف أحد وجهي التقسيم وهو قوله " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله إلخ " قال الخطابي : وقع هذا الحديث في [ ص: 22 ] روايتنا وجميع نسخ أصحابنا مخروما قد ذهب شطره ، ولست أدري كيف وقع هذا الإغفال ، ومن جهة من عرض من رواته ؟ فقد ذكره البخاري من غير طريق الحميدي مستوفى ، وقد رواه لنا الأثبات من طريق الحميدي تاما ، ونقل ابن التين كلام الخطابي مختصرا وفهم من قوله مخروما أنه قد يريد أن في السند انقطاعا فقال من قبل نفسه لأن البخاري لم يلق الحميدي ، وهو مما يتعجب من إطلاقه مع قول البخاري " حدثنا الحميدي " وتكرار ذلك منه في هذا الكتاب ، وجزم كل من ترجمه بأن الحميدي من شيوخه في الفقه والحديث ، وقال ابن العربي في مشيخته : لا عذر للبخاري في إسقاطه لأن الحميدي شيخه فيه قد رواه في مسنده على التمام . قال : وذكر قوم أنه لعله استملاه من حفظ الحميدي فحدثه هكذا فحدث عنه كما سمع أو حدثه به تاما فسقط من حفظ البخاري . قال : وهو أمر مستبعد جدا عند من اطلع على أحوال القوم . وقال الداودي الشارح : الإسقاط فيه من البخاري فوجوده في رواية شيخه وشيخ شيخه يدل على ذلك ، انتهى . وقد رويناه من طريق بشر بن موسى وأبي إسماعيل الترمذي وغير واحد عن الحميدي تاما ، وهو في مصنف قاسم بن أصبغ ومستخرجي أبي نعيم على الصحيحين وصحيح أبي عوانة من طريق الحميدي ، فإن كان الإسقاط من غير البخاري فقد يقال : لم اختار الابتداء بهذا السياق الناقص ؟ والجواب قد تقدمت الإشارة إليه ، وأنه اختار الحميدي لكونه أجل مشايخه المكيين إلى آخر ما تقدم في ذلك من المناسبة ، وإن كان الإسقاط منه فالجواب ما قاله أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الحافظ في أجوبة له على البخاري : إن أحسن ما يجاب به هنا أن يقال : لعل البخاري قصد أن يجعل لكتابه صدرا يستفتح به على ما ذهب إليه كثير من الناس من استفتاح كتبهم بالخطب المتضمنة لمعاني ما ذهبوا إليه من التأليف ، فكأنه ابتدأ كتابه بنية رد علمها إلى الله ، فإن علم منه أنه أراد الدنيا أو عرض إلى شيء من معانيها فسيجزيه بنيته . ونكب عن أحد وجهي التقسيم مجانبة للتزكية التي لا يناسب ذكرها في ذلك المقام . انتهى ملخصا . وحاصله أن الجملة المحذوفة تشعر بالقربة المحضة ، والجملة المبقاة تحتمل التردد بين أن يكون ما قصده يحصل القربة أو لا ، فلما كان المصنف كالمخبر عن حال نفسه في تصنيفه هذا بعبارة هذا الحديث حذف الجملة المشعرة بالقربة المحضة فرارا من التزكية ، وبقيت الجملة المترددة المحتملة تفويضا للأمر إلى ربه المطلع على سريرته المجازي له بمقتضى نيته . ولما كانت عادة المصنفين أن يضمنوا الخطب اصطلاحهم في مذاهبهم واختياراتهم ، وكان من رأي المصنف جواز اختصار الحديث والرواية بالمعنى والتدقيق في الاستنباط وإيثار الأغمض على الأجلى وترجيح الإسناد الوارد بالصيغ المصرحة بالسماع على غيره ، استعمل جميع ذلك في هذا الموضع بعبارة هذا الحديث متنا وإسنادا . وقد وقع في رواية حماد بن زيد في باب الهجرة تأخر قوله " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله " عن قوله " فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها " ، فيحتمل أن تكون رواية الحميدي وقعت عند البخاري كذلك فتكون الجملة المحذوفة هي الأخيرة كما جرت به عادة من يقتصر على بعض الحديث . وعلى تقدير أن لا يكون ذلك فهو مصير من البخاري إلى جواز الاختصار في الحديث ولو من أثنائه . وهذا هو الراجح ، والله أعلم . وقال الكرماني في غير هذا الموضع : إن كان الحديث عند البخاري تاما لم خرمه في صدر الكتاب ، مع أن الخرم مختلف في جوازه ؟ قلت : لا جزم بالخرم ; لأن المقامات مختلفة ، فلعله - في مقام بيان أن الإيمان بالنية واعتقاد القلب - سمع الحديث تاما ، وفي مقام أن الشروع في [ ص: 23 ] الأعمال إنما يصح بالنية سمع ذلك القدر الذي روي . ثم الخرم يحتمل أن يكون من بعض شيوخ البخاري لا منه ، ثم إن كان منه فخرمه ثم لأن المقصود يتم بذلك المقدار . فإن قلت : فكان المناسب أن يذكر عند الخرم الشق الذي يتعلق بمقصوده ، وهو أن النية ينبغي أن تكون لله ورسوله . قلت : لعله نظر إلى ما هو الغالب الكثير بين الناس ، انتهى . وهو كلام من لم يطلع على شيء من أقوال من قدمت ذكره من الأئمة على هذا الحديث ، ولا سيما كلام ابن العربي . وقال في موضع آخر : إن إيراد الحديث تاما تارة وغير تام تارة إنما هو اختلاف الرواة ، فكل منهم قد روى ما سمعه فلا خرم من أحد ، ولكن البخاري يذكرها في المواضع التي يناسب كلا منها بحسب الباب الذي يضعه ترجمة له ، انتهى . وكأنه لم يطلع على حديث أخرجه البخاري بسند واحد من ابتدائه إلى انتهائه فساقه في موضع تاما وفي موضع مقتصرا على بعضه ، وهو كثير جدا في الجامع الصحيح ، فلا يرتاب من يكون الحديث صناعته أن ذلك من تصرفه ; لأنه عرف بالاستقراء من صنيعه أنه لا يذكر الحديث الواحد في موضع على وجهين ، بل إن كان له أكثر من سند على شرطه ذكره في الموضع الثاني بالسند الثاني وهكذا ما بعده ، وما لم يكن على شرطه يعلقه في الموضع الآخر تارة بالجزم إن كان صحيحا وتارة بغيره إن كان فيه شيء ، وما ليس له إلا سند واحد يتصرف في متنه بالاقتصار على بعضه بحسب ما يتفق ، ولا يوجد فيه حديث واحد مذكور بتمامه سندا ومتنا في موضعين أو أكثر إلا نادرا ، فقد عني بعض من لقيته بتتبع ذلك فحصل منه نحو عشرين موضعا .

قوله : ( هجرته ) الهجرة : الترك ، والهجرة إلى الشيء : الانتقال إليه عن غيره . وفي الشرع : ترك ما نهى الله عنه . وقد وقعت في الإسلام على وجهين : الأول الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في هجرتي الحبشة وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة ، الثاني الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين . وكانت الهجرة إذ ذاك تختص بالانتقال إلى المدينة ، إلى أن فتحت مكة فانقطع من الاختصاص ، وبقي عموم الانتقال من دار الكفر لمن قدر عليه باقيا . فإن قيل : الأصل تغاير الشرط والجزاء فلا يقال مثلا : من أطاع أطاع وإنما يقال مثلا : من أطاع نجا ، وقد وقعا في هذا الحديث متحدين ، فالجواب أن التغاير يقع تارة باللفظ وهو الأكثر ، وتارة بالمعنى ويفهم ذلك من السياق ، ومن أمثلته قوله تعالى ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا وهو مؤول على إرادة المعهود المستقر في النفس ، كقولهم : أنت أنا . أي : الصديق الخالص ، وقولهم : هم هم . أي : الذين لا يقدر قدرهم ، وقول الشاعر :
أنا أبو النجم وشعري شعري
أو هو مؤول على إقامة السبب مقام المسبب لاشتهار السبب . وقال ابن مالك : قد يقصد بالخبر الفرد بيان الشهرة وعدم التغير فيتحد بالمبتدأ لفظا كقول الشاعر : خليلي خليلي دون ريب وربما ألان امرؤ قولا فظن خليلا وقد يفعل مثل هذا بجواب الشرط كقولك : من قصدني فقد قصدني . أي : فقد قصد من عرف بإنجاح قاصده ، وقال غيره : إذا اتحد لفظ المبتدأ والخبر والشرط والجزاء علم منهما المبالغة إما في التعظيم وإما في التحقير .

قوله : ( إلى دنيا ) بضم الدال ، وحكى ابن قتيبة كسرها ، وهي فعلى من الدنو أي : القرب ، سميت بذلك لسبقها للأخرى . وقيل : سميت دنيا لدنوها إلى الزوال . واختلف في حقيقتها فقيل ما على الأرض من الهواء والجو ، وقيل كل المخلوقات من الجواهر والأعراض ، والأولى أولى . لكن يزاد فيه مما قبل قيام الساعة ، [ ص: 24 ] ويطلق على كل جزء منها مجازا . ثم إن لفظها مقصور غير منون ، وحكي تنوينها ، وعزاه ابن دحية إلى رواية أبي الهيثم الكشميهني وضعفها ، وحكي عن ابن مغاور أن أبا الهروي في آخر أمره كان يحذف كثيرا من رواية أبي الهيثم حيث ينفرد ; لأنه لم يكن من أهل العلم . قلت : وهذا ليس على إطلاقه ، فإن في رواية أبي الهيثم مواضع كثيرة أصوب من رواية غيره ، كما سيأتي مبينا في مواضعه . وقال التيمي في شرحه : قوله " دنيا " هو تأنيث الأدنى ليس بمصروف ، لاجتماع الوصفية ولزوم حرف التأنيث . وتعقب بأن لزوم التأنيث للألف المقصورة كاف في عدم الصرف ، وأما الوصفية فقال ابن مالك : استعمال دنيا منكرا فيه إشكال ; لأنها فعل التفضيل ، فكان من حقها أن تستعمل باللام كالكبرى والحسنى ، قال : إلا أنها خلعت عنها الوصفية أو أجريت مجرى ما لم يكن وصفا قط ، ومثله قول الشاعر :
وإن دعوت إلى جلى ومكرمة يوما سراة كرام الناس فادعينا
وقال الكرماني : قوله " إلى " يتعلق بالهجرة إن كان لفظ كانت تامة ، أو هو خبر لكانت إن كانت ناقصة . ثم أورد ما محصله : أن لفظ كان إن كان للأمر الماضي فلا يعلم ما الحكم بعد صدور هذا القول في ذلك . وأجاب بأنه يجوز أن يراد بلفظ كان الوجود من غير تقييد بزمان ، أو يقاس المستقبل على الماضي ، أو من جهة أن حكم المكلفين سواء .

قوله : ( يصيبها ) أي يحصلها ; لأن تحصيلها كإصابة الغرض بالسهم بجامع حصول المقصود .

قوله : ( أو امرأة ) قيل التنصيص عليها من الخاص بعد العام للاهتمام به . وتعقبه النووي بأن لفظ دنيا نكرة وهي لا تعم في الإثبات فلا يلزم دخول المرأة فيها . وتعقب بكونها في سياق الشرط فتعم ، ونكتة الاهتمام الزيادة في التحذير ; لأن الافتتان بها أشد . وقد تقدم النقل عمن حكى أن سبب هذا الحديث قصة مهاجر أم قيس ولم نقف على تسميته . ونقل ابن دحية أن اسمها قيلة بقاف مفتوحة ثم تحتانية ساكنة ، وحكى ابن بطال عن ابن سراج أن السبب في تخصيص المرأة بالذكر أن العرب كانوا لا يزوجون المولى العربية ، ويراعون الكفاءة في النسب ، فلما جاء الإسلام سوى بين المسلمين في مناكحتهم فهاجر كثير من الناس إلى المدينة ليتزوج بها من كان لا يصل إليها قبل ذلك ، انتهى . ويحتاج إلى نقل ثابت أن هذا المهاجر كان مولى وكانت المرأة عربية ، وليس ما نفاه عن العرب على إطلاقه بل قد زوج خلق كثير منهم جماعة من مواليهم وحلفائهم قبل الإسلام ، وإطلاقه أن الإسلام أبطل الكفاءة في مقام المنع .

قوله : ( فهجرته إلى ما هاجر إليه ) يحتمل أن يكون ذكره بالضمير ليتناول ما ذكر من المرأة وغيرها ، وإنما أبرز الضمير في الجملة التي قبلها وهي المحذوفة لقصد الالتذاذ بذكر الله ورسوله وعظم شأنهما ، بخلاف الدنيا والمرأة فإن السياق يشعر بالحث على الإعراض عنهما . وقال الكرماني : يحتمل أن يكون قوله " إلى ما هاجر إليه " متعلقا بالهجرة ، فيكون الخبر محذوفا والتقدير قبيحة أو غير صحيحة مثلا ، ويحتمل أن يكون خبر فهجرته والجملة خبر المبتدأ الذي هو " من كانت " ، انتهى . وهذا الثاني هو الراجح ; لأن الأول يقتضي أن تلك الهجرة مذمومة مطلقا ، وليس كذلك ، إلا إن حمل على تقدير شيء يقتضي التردد أو القصور عن الهجرة الخالصة كمن نوى بهجرته مفارقة دار الكفر وتزوج المرأة معا فلا تكون قبيحة ولا غير صحيحة ، بل هي ناقصة بالنسبة إلى من كانت هجرته خالصة ، وإنما أشعر السياق بذم من فعل ذلك بالنسبة إلى من طلب [ ص: 25 ] المرأة بصورة الهجرة الخالصة ، فأما من طلبها مضمومة إلى الهجرة فإنه يثاب على قصد الهجرة لكن دون ثواب من أخلص ، وكذا من طلب التزويج فقط لا على صورة الهجرة إلى الله ; لأنه من الأمر المباح الذي قد يثاب فاعله إذا قصد به القربة كالإعفاف . ومن أمثلة ذلك ما وقع في قصة إسلام أبي طلحة فيما رواه النسائي عن أنس قال : تزوج أبو طلحة أم سليم فكان صداق ما بينهما الإسلام ، أسلمت أم سليم قبل أبي طلحة فخطبها فقالت : إني قد أسلمت ، فإن أسلمت تزوجتك . فأسلم فتزوجته . وهو محمول على أنه رغب في الإسلام ودخله من وجهه وضم إلى ذلك إرادة التزويج المباح فصار كمن نوى بصومه العبادة والحمية ، أو بطوافه العبادة وملازمة الغريم . واختار الغزالي فيما يتعلق بالثواب أنه إن كان القصد الدنيوي هو الأغلب لم يكن فيه أجر ، أو الديني أجر بقدره ، وإن تساويا فتردد القصد بين الشيئين فلا أجر . وأما إذا نوى العبادة وخالطها بشيء مما يغاير الإخلاص فقد نقل أبو جعفر بن جرير الطبري عن جمهور السلف أن الاعتبار بالابتداء ، فإن كان ابتداؤه لله خالصا لم يضره ما عرض له بعد ذلك من إعجاب أو غيره . والله أعلم . واستدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز الإقدام على العمل قبل معرفة الحكم ; لأن فيه أن العمل يكون منتفيا إذا خلا عن النية ، ولا يصح نية فعل الشيء إلا بعد معرفة الحكم ، وعلى أن الغافل لا تكليف عليه ; لأن القصد يستلزم العلم بالمقصود والغافل غير قاصد ، وعلى أن من صام تطوعا بنية قبل الزوال أن لا يحسب له إلا من وقت النية وهو مقتضى الحديث ، لكن تمسك من قال بانعطافها بدليل آخر ، ونظيره حديث " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها " أي : أدرك فضيلة الجماعة أو الوقت ، وذلك بالانعطاف الذي اقتضاه فضل الله تعالى ، وعلى أن الواحد الثقة إذا كان في مجلس جماعة ثم ذكر عن ذلك المجلس شيئا لا يمكن غفلتهم عنه ولم يذكره غيره أن ذلك لا يقدح في صدقه ، خلافا لمن أعل بذلك ; لأن علقمة ذكر أن عمر خطب به على المنبر ثم لم يصح من جهة أحد عنه غير علقمة . واستدل بمفهومه على أن ما ليس بعمل لا تشترط النية فيه ، ومن أمثلة ذلك جمع التقديم فإن الراجح من حيث النظر أنه لا يشترط له نية ، بخلاف ما رجحه كثير من الشافعية وخالفهم شيخنا شيخ الإسلام وقال : الجمع ليس بعمل ، وإنما العمل الصلاة . ويقوي ذلك أنه عليه الصلاة والسلام جمع في غزوة تبوك ولم يذكر ذلك للمأمومين الذين معه ، ولو كان شرطا لأعلمهم به ، واستدل به على أن العمل إذا كان مضافا إلى سبب ويجمع متعدده جنس أن نية الجنس تكفي ، كمن أعتق عن كفارة ولم يعين كونها عن ظهار أو غيره ; لأن معنى الحديث أن الأعمال بنياتها ، والعمل هنا القيام بالذي يخرج عن الكفارة اللازمة وهو غير محوج إلى تعيين سبب ، وعلى هذا لو كانت عليه كفارة - وشك في سببها - أجزأه إخراجها بغير تعيين . وفيه زيادة النص على السبب ; لأن الحديث سيق في قصة المهاجر لتزويج المرأة ، فذكر الدنيا في القصة زيادة في التحذير والتنفير . وقال شيخنا شيخ الإسلام : فيه إطلاق العام وإن كان سببه خاصا ، فيستنبط منه الإشارة إلى أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وسيأتي ذكر كثير من فوائد هذا الحديث في كتاب الإيمان حيث قال المصنف في الترجمة فدخل فيه العبادات والأحكام إن شاء الله تعالى ، وبالله التوفيق .